أشار الإمام(علیه السلام) فی هذه الخطبة إلى أهم عوامل فساد المجتمعات البشریة ولاسیما الانحراف الذی عصف بالمجتمع الإسلامی بعد رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)، ثم بین(علیه السلام)کیف تخلط الشیاطین الحق بالباطل وتزینه للإنسان. فلو طرح الحق کما هو لاغلقت طرق نفوذ الشیاطین، کما لو عرض الباطل على هیئته لما قبله أحد، ومن هنا فان الشیاطین تخلط الحق بالباطل لاغواء الناس وإضلالهم. نعم فهؤلاء یدسّون السم المهلک فی کل طعام لذیذ لیحثوا المغنّلین على تناوله. فهم یخفون الباطل فی الحق دائما لیضلوا الناس عن طریق ذلک.
«إِنَّما بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْواءٌ تُتَّبَعُ وَأَحْکامٌ تُبْتَدَعُ، یُخالَفُ فِیها کِتابُ اللّهِ، وَیَتَوَلَّى عَلَیْها رِجالٌ رِجالاً عَلَى غَیْرِ دِینِ اللّهِ، فَلَوْ أَنَّ الْباطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزاجِ الْحَقِّ لَمْ یَخْفَ عَلَى الْمُرْتادِینَ، وَلَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْباطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعانِدِینَ، وَلَکِنْ یُؤْخَذُ مِنْ هَذا ضِغْثٌ وَمِنْ هَذا ضِغْثٌ فَیُمْزَجانِ فَهُنالِکَ یَسْتَوْلِی الشَّیْطانُ عَلَى أَوْلِیائِهِ، وَیَنْجُو «الَّذِینَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللّهِ الْحُسْنى».