6ـ معرفة النعم فی المصائب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
القرآن والإبتلاءات العصیبة7ـ موقع الخیر والشّر فی عالم الوجود

لایُمکن لأحد أن ینکر هذه الحقیقة، وهی عدم معرفة الإنسان قیمة النعمة عندما یکون غارقاً فیها، ولا یلتذ بها، ولا یؤدّی شکرها، وأحیاناً قد لا ینتبه إلى أصل وجودها!

فلو لم یمرض الإنسان أبداً لما عرف نعمة السلامة بکل مالها من أهمیّة وعظمة، وکموهبة إلهیة عظیمة.

ولو لم تهتزّ الأرض أحیاناً لما عُرف قدر هذا السکون العجیب الذی یسودها طیلة السّنة ویدور فی ظلّه کل شیء حول محوره.

ولا تعرف حقیقة الظلمة والنور إلاّ إلى جنب بعضهما، وإن لم تهیّج عواصف الحوادث بحر افکار الإنسان أحیاناً لما فهِمَ قدْر ساعات الهدوء والسکون.

أو بتعبیر أدق إنّ بعض المشاکل بمثابة ظل نور الحیاة الذی لا یمکن للإنسان أن یرى شیئاً بدونه، یقول العلماء الیوم: بأنّه (لو وُضعَ جسمٌ کرویٌّ وسُلّطَ علیه نورٌ متساو من جمیع الجهات لما أمکن رؤیته!):

إنّ وعورة سطح الجسم واختلاف زوایا انعکاس النور هی التی تُمکّن الإنسان من رؤیة الجسم، وکذا النعم الإلهیّة بالضبط، فلو کانت على وتیرة واحدة وبصورة دائمیّة لما أمکن معرفتها.

ومن حیث کون الله قد خلق هذه المواهب العظیمة متاعاً للإنسان من جهة، ووسیلة للتقرب إلیه من جهة اُخرى (عن طریق شکر النعمة)، فمن المنطقی جدّاً أن یقبضها ویبسطها أحیاناً لیتحقق الهدفان أعلاه.

ویُلاحظ وجود إشارات ظریفة وغنیة فی الآیات القرآنیة إلى هذه الحقیقة ـ ولو بصورة غیر صریحة ـ والتی تُبّین قدْر النّعمِ بالقیاس مع لحظات سلبها، ومن جُملتها:

1 ـ (قُل مَن یُنَجِّیکُم مِّن ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحرِ تَدعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْیَةً لَّئْن أَنجَانَا مِن هَذِهِ لَنَکُونَنَّ مِنَ الشَّاکِرِینَ). (الأنعام/ 63)

أجَلْ، لم یکن هؤلاء لیعرفوا قدر النور والأمن قَبلَ أن یُبتلوا بظلمات البر والبحر الرهیبة، ولکنهم عندما یُسْلَبون هذه النعمة سیذکرون مُبدئها ویعلنون عن إستعدادهم للشکر.

2ـ (وَلَئِن أَذَقنَاهُ نَعَماءَ بَعدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَیَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّیِئَاتُ عَنِّى إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ). (هود/ 10)

وتأکید القرآن على إذاقة النعماء بعد الضرّاء هدفه تبیان قدر النعمة بصورة جیدة لیرفع بالعباد إلى الشُّکر، ولو أنّ جماعة من المغرورین والمُعجبین بأنفسهم فسّروه بشکل آخر.

3ـ (وَاذکُرُوا نِعمَتَ اللهِ عَلَیکُم إِذْ کُنتُم أَعدَآءً فَأَلَّفَ بَینَ قُلُوبِکُم فَأَصبَحتُم بِنِعْمتِهِ إِخوَاناً). (آل عمران/ 103)

إنّ القرآن الکریم ومن أجل أن یُبیّن فی هذه الآیة قدر نعمة الإتحاد وتألیف القلوب قارنها بالوقت الذی کانت هذه النعمة مسلوبة نهائیاً، وعندما کانت نار الفرقة والنفاق تلتهمُ کُلّ شیء، وذکّر المسلمین بمعرفة هاتین الحالتین بالقیاس إلى بعضهما لیعرفوا قدر هذه النعمة الإلهیّة الحقیقی.

ویُلاحظ وجود بعض الإشارات إلى هذا القسم من المصائب والآلام فی الروایات الإسلامیة أیضاً، ومن جملتها: ماورد فی حدیث المفضّل عن الإمام الصادق(علیه السلام) قال: «إنّ هذه الآفات وإن کانت تنالُ الصالح والطالح جمیعاً، فإنّ الله جعل ذلک صلاحاً للصنفین کلیهما، أمّا الصالحون فإنّ الذی یُصیبهم من هذا یردُّهم (یذکّرهم) نعم ربّهم عندهم فی سالف أیامهم، فیحدوهم ذلک على الشکر والصبر، وأمّا الطالحون فإنّ مثل هذا إذا نالهم کسر شرتهم وردعهم عن المعاصی والفواحش»(1).


1. بحارالأنوار، ج 3، ص 139.

 

القرآن والإبتلاءات العصیبة7ـ موقع الخیر والشّر فی عالم الوجود
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma