وردت فی روایات أهل البیت ایضاحات کثیرة فی هذا المجال ، نذکر مجموعة منها کنموذج :
1 ـ ورد فی توحید الصدوق و«عیون اخبار الرضا» عن الإمام علی بن موسى الرض(علیه السلام)جوابه عن سؤال حول إرادة الله تعالى فی خلقه أنّه قال : «الإرادة من المخلوق الضمیر وما یبدو له بعد ذلک من الفعل ، وأمّا من الله عز وجل فارادته احداثه لا غیر ذلک لأنّه لا یُروّی ولا یهمّ ولا یتفکر ، وهذه الصفات منفیة عنه ، وهی من صفات الخلق ، فارادة الله هی الفعل لا غیر ذلک . یقول له کن فیکون بلا لفظ ، ولا نطق بلسان ، ولا همة ولا تفکر ولا کیف لذلک ، کما أنّه بلا کیف» (1) .
وقد أورد هذا الحدیث الشریف المرحوم الکلینی فی «اُصول الکافی» ( 2) . ومن الواضح أنّ هذا الحدیث یشیر إلى إرادة الله الفعلیة وأمّا الإرادة الذاتیة فهی علمه بالنظام الأحسن کما مر بیانه .
2 ـ وقد ورد أیضاً فی هذا الکتاب عن الإمام علی بن موسى الرضا (علیه السلام) أنّه قال : «المشیئة والإرادة من صفات الأفعال ، فمن زعم أنّ الله تعالى لم یزل مریداً شائیاً فلیس بموحد» (3) .
ومن الواضح أیضاً أنّ هذا الحدیث ناظر إلى الإرادة الفعلیة ، التی تقدم بیانه ، فعندما ینفی «الإرادة الازلیة» فالمقصود هو نفی مقالة من یقول: إن الإرادة زائدة على الذات وإنّها أزلیة ، فیکون مفهومها تعدد الوجود الازلی إلى اثنین أو أکثر ، وهذا المعنى لا یتلائم مع التوحید .
أمّا الإرادة الذاتیة التی هی عین العلم ، والعلم بدوره عین الذات المقدّسة فهو عین التوحید لا الشرک «فتأمل جیداً» .
3 ـ ورد فی کتاب الکافی حدیث عن الإمام علی بن موسى الرضا (علیه السلام) جاء فیه : «قال الله : یا ابن آدم بمشیئتی کنت أنت الذی تشاء لنفسک ما تشاء وبقوتی أدّیت فرائضی ، وبنعمتی قویت على معصیتی جعلتک سمیعاً بصیراً قویاً ما أصابک من حسنة فمن الله ، وما أصابک من سیئة فمن نفسک »(4) .
وهذا الحدیث ناظر إلى الإرادة التکوینیة لله تعالى المتعلقة باختیار وحریة إرادة الإنسان والتی جعلت الإنسان حاکماً على مقدراته ، غایة الأمر أنّ الإنسان یُسیء الاستفادة منها فی بعض الاحیان ، ویستعمل نعم الله تعالى فی معصیته، وهذا من عمل الإنسان نفسه ، أمّا حسن الاستفادة من نعم الله تعالى فهو من توفیق الله ومعونته لعبده.