2 ـ منطق القائلین بامکانیة الرؤیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
1 ـ لماذا تستحیل رؤیة الله تعالى؟3 ـ الروایات الدالّة على انتفاء رؤیة الله

انقسم المسلمون فی مسألة رؤیة الله إلى ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى : التی انضمّ إلیها الفلاسفة والمحققون العظام ، حیث تعتقد بأنّ رؤیة الله أمر محال مطلق .

الطائفة الثانیة : وهم المجسّمون الذین یعتقدون بأنّ لله جسم ، وعلیه یُمکن رؤیته .

الطائفة الثالثة : وهم جماعة ( أبو الحسن الأشعری )(1) : أحد متکلمی القرن الثالث ، ولهم کلام عجیب حول هذه المسألة ، فهم یقولون: « بالرغم من أنّ الله عزّ وجلّ مجرّد عن الجسمیّة والمادّة ولکن یُمکن رؤیته ، وهذه الرؤیة تتحقق فی الآخرة فقط ، لا فی الدنی ، فهنالک یرى المؤمنون الله تعالى بالعین المجردة! » .

یقول ( فاضل القوشچی ) فی ( شرح تجرید العقائدـ للشیخ الطوسی ) : «اعتقد الأشاعرة بإمکانیة رؤیة الله ، فالمؤمنون یرونه فی الجنّة؟ لکنها رؤیة منزهة عن المقابلة وخالیة من الجهة والمکان .

ثم أضاف : اتفق جمیع القائلین باستحالة الرؤیة البصریّة على أنّ الانکشاف العلمی التام ممکن ( إمکانیة رؤیته تعالى بعین العقل والقلب ) ، هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى اتفق القائلون بامکانیة الرؤیة البصریة أیضاً على استحالة تشکُّل صورة الباری تعالى فی عین الإنسان ، أو رؤیته بواسطة الاشعة الخارجة من العین»(2) .

ویجدر الأنتباه إلى وجود رأیین بین الفلاسفة الماضین حول حقیقة الرؤیة ، فجماعة کانوا یؤیدّون خروج الشعاع ویقولون:الرؤیة هی خروج شعاع من عین الإنسان ووصوله إلى الشیء المرئی فیراه الإنسان ) .

وجماعة آخرون اعتقدوا بأنّ حقیقة الرؤیة هی تشکل صورة المرئی فی العین ، ونحن نعلم أنّ علماء العلوم الطبیعیّة الیوم یؤیدون النظریّة الثانیة ، وأثبتوها بأدلّة حسیّة وقالوا: ( إنّ ترکیب العین من هذه الناحیة یشبه بالضبط آلة التصویر ، فلابدّ أن ینعکس النور الخارجی عن الجسم المرئی لیدخل العین أو آلة التصویر فتطبع صورتهُ على شبکیّة العین أو فلم التصویر ).

والعجیب أنّ الأشاعرة فی مقابل هذا الکلام ـ وهو عدم إمکانیة أی واحد من المعنیَین المذکورین للرؤیة بالنسبة إلى الله عزّ وجلّ المجرّد عن المادة ـ یقولون: لا تنحصر الرؤیة بهذه الأمور ، خصوصاً عندما یدور الکلام حول رؤیة الأمور الغیبیّة أو الغائبة !

فیمکن أن یرى الأعمى الأشیاء التی تبعد عنه بفاصلة مکانیة کبیرة ، فمثلا یُمکن أن یرى عمارات الأندلس من هذه النقطة من العالَم !!

تدل هذه التعابیر بوضوح على المغالطة اللفظیة التی یستعملها هؤلاء، واعتبارهم للرؤیة مفهوماً مغایراً لما هو موجود فی العرف واللغة .

فانْ کان مقصودهم من الرؤیة ، الرؤیة بعین القلب ( البصیرة ) والإدراک العقلی، فهذا مااتفق علیه جمیع العلماء ولا حاجة للجدال والمناقشة فیه .

وإن کان مقصودهم هو الرؤیة بالعین الظاهریّة ، فهو لا یتحقق سوى بانعکاس نور الأجسام على شبکیة العین .

وإن کان هناک نوع ثالث من الرؤیة ، فهو ادّعاءٌ مبهم ، وغیر معقول ، وغیر قابل للتصوّر ، نعلم أنّ التصدیق بلا تصوُّ ر أمر محال .

ویظهر أن الأشاعرة تخلّوا عن ادّعائهم تدریجیاً عندما عجزوا عن الإتیان بدلیل واقعی ، واقتصروا على استعمال لفظ الرؤیة فقط من دون أن یکون لها مفهومٌ غیر المشاهدة بعین العقل ، لأننا عندما نقول : إنّ رؤیة الله مجرّدة عن المکان والجهة وانعکاس صورة المرئی فی العین ، وأنّ مثل هذه الرؤیة قد تتحقق حتى عند الأعمى أیض ، فإنّها لا تعنی سوى الرؤیة الباطنیة والقلبیة .

والاغرب من ذلک هو أنّ البعض منهم قد جعلوا المسألة أکثر غموضاً فقالو : إنّ الله یهب للمؤمنین حاسة سادسةً یوم القیامة لیتمکّنوا من رؤیته بها!

وبغض النظر عن کون التعبیر بالحاسة السادسة تعبیراً مبهماً وغامض ، فإنّه لا یحل مشکلة المشاهدة والرؤیة ، ولا یصحُّ استعمال لفظ الرؤیة هنا سوى بالمعنى المجازی .

والسبب الذی أدى بالأشاعرة وأمثالهم إلى الاعتقاد بمسألة رؤیة الله یوم القیامة هو التقیُّد ببعض الروایات التی یوهم ظاهِرُها بشیء من هذا القبیل ، وسنتعرض لها فی البحث الذی یلی هذا البحث إن شاء الله .


1. کان اسمه على بن اسماعیل ، ویرجع نسبه إلى أبی موسى الأشعری ، ولدَ فی البصرة عام 260 أو 270 ، وفی البدایة کان یمیل إلى مبانی مذهب المعتزلة ، ثم عدل إلى مذهب الله ومخلوقیة القرآن ، وابتدع مذهباً جدیداً فی أصول الدین کان أقرب إلى ذهن العامة وأکثر استحساناً من قبل المتعصبین ، لذا فقد اعتنق الکثیر مذهبه ، وسلک طریقه جمع من العلماء کالغزالی وأبی بکر الباقلانی والفخر الرازی والشهرستانی وأبی اسحاق الشیرازی وقام بترویج عقائده بعض أرباب السلطة الذین اتخذوا من الدین وسیلةً لنیل مآربهم السیاسیّة أمثال الأیوبیین فی مصر والشام والموحدین فی المغرب . ( دائرة المعارف ، أبو الحسن الأشعری ـ بتلخیص بسیط ) .
2. شرح القوشچی، ص 435 و 436 .

 

1 ـ لماذا تستحیل رؤیة الله تعالى؟3 ـ الروایات الدالّة على انتفاء رؤیة الله
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma