إنّ لصفة (العدالة) خصوصیات خاصّة من بین صفات الفعل الإلهی، ممّا حدى بعلماء العقائد إلى بحثها بالتفصیل وبصورة مستقلّة، إلى الدرجة التی نلاحظ استقلالها من بین أصول الدین، وأنّها ذُکِرَت کأحد أصول الدین العقائدیة الخمسة، فی حین أنّها لا تتفاوت عن بقیة الصفات حسب الظاهر، وینبغی دمجها فی مباحث معرفة الله، فی بحث (الأسماء والصفات).

إنّ شرح هذه الخصوصیّات قبل البحث حول أصل المسألة غیر ممکن، لذا سوف نوکله إلى ما بعد، ونکتفی هنا بالقول: إنَّ لمسألة العدل الإلهی علاقة بأصل الإیمان بوجود الله من جهة، وبمسألة المعاد من جهة اُخرى، وبمسألة النبّوة من جهة ثالثة، وبمسائل من قبیل، الثواب والعقاب، الجبر والتفویض، التوحید والثنویّة، فلسفة الأحکام، وغیرها، من جهة رابعة، لذا فقد یُمکن أن یُغیّر الإعتقاد بهذا الأصل أو نفیهُ شکل جمیع المعارف والعقائد الدینیّة.

إضافةً إلى هذا فإنّ أثر العدل الإلهی فی المجتمع البشری، فی مسألة العدالة الاجتماعیة، والعدالة الأخلاقیة والمسائل التربویّة، غیر قابل للإنکار.

وبسبب المسائل التی ذکرناها أعلاه، فإننا أیضاً نبحث هذه الصفة على حِدة وأکثر تفصیلا، ولکن، وکما یستوجب اسلوب التفسیر الموضوعی، ینبغی علینا قبل کلّ شیء أن نتعرض إلى الآیات القرآنیة الواردة فی هذا المجال، لنستنیر بها فی طریق حل المشاکل المعقّدة لهذه المسألة المهمّة، بعد هذا التمهید نمعن خاشعین فی الآیات القرآنیة التالیة.

1 ـ (إِنَّ اللهَ لاَ یَظْلِمُ النَّاسَ شَیئاً وَلَکنَّ النَّاسَ اَنفُسَهُم یَظلِمُونَ). (یونس/44)

2 ـ (وَلاَ یَظلِمُ رَبُّکَ اَحَداً). (الکهف/ 49)

3 ـ (فَمَا کَانَ اللهُ لِیَظلِمَهُم وَلَکِن کَانُوا اَنفُسَهُمْ یَظلِمُونَ). (التوبة/ 70) (الروم / 9)

4 ـ (فَالیَومَ لاَ تُظلَمُ نَفسٌ شَیئاً وَلاَ تُجزَونَ إِلاَّ مَا کُنتُم تَعمَلوُنَ). (یس/54)

5 ـ (وَمَا تُنْفِقُوا مِن خَیر... یُوَفَّ اِلَیکُم وَاَنتُم لاَ تُظلَمُونَ). (البقرة/ 272)

6 ـ (بَلِ اللهُ یُزَکِّى مَنْ یَشَاءُ وَلاَ یُظلَمُونَ فَتِیلا). (النساء/ 49)

7 ـ (وَمَا اللَّهُ یُرِیدُ ظُلماً لِّلعَالَمِینَ). (آل عمران/ 108)

8 ـ (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلائِکَةُ وَأُولُوا العِلمِ قَائِماً بِالقِسطِ). (آل عمران / 18)

9 ـ (اِنَّهُ یَبدَؤُا الخَلقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ لِیَجزِىَ الَّذِینَ آمنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالقِسطِ). (یونس/ 4)

10 ـ (وَنَضَعُ المَوَازِینَ القِسطَ لِیَومِ القِیَامَةِ فَلاَ تُظلَمُ نَفسٌ شَیئاً). (الأنبیاء/ 47)

11 ـ (وَمَا رَبُّکَ بِظَلاَّمِ لِّلعَبِیدِ). (فصلت/ 46)

12 ـ (اَم نَجعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ کَالمُفسِدِینَ فِى الأَرضِ أَم نَجعَلُ المُتَّقِینَ کَالفُجَّارِ).(1) (ص/ 28)

1. وردت آیات قرآنیة کثیرة اُخرى بصدد هذا المجال، وقد انتخبنا من الآیات ذات المضمون الواحد ولکن بعبارتین متفاوتتین، ونموذجاً من الآیات ذات العبارات المتشابهة، من جملتها الآیات التالیة: «النساء، 40 و 77; العنکبوت، 40; الأنفال، 60; البقرة، 281 (إضافة إلى أربع عشرة آیةً تحتوی کل منها على تعبیر (لا یُظلمون)، وتشیر بدون استثناء إلى نفی الظلم عن الله تعالى) ویونس، 47 و 54.