«شهید»: من مادّة (شهود وشهادة) ، وهی بالأصل ـ کما ورد فی مقاییس اللغة ـ تعنی «الحضور» و«العلم» و«الإعلام»، والشهادة تستلزم کلاًّ من العلم والحضور والإعلام .
لکن الراغب قال فی مفرداته : إنّ هذه الکلمة تعنی الحضور المقارن للمشاهدة سواءً بالعین الظاهرة أم بعین القلب .
و(مشاهد الحج) هی الأمکنة المقدّسة التی یحضر فیها المؤمنون والملائکة .
ویُسمّى المقتول فی سبیل الله (شهیداً) إمّا لحضور ملائکة الرحمة عنده ، أو لمشاهدته النّعم العظیمة التی أُعدّت له ، أو لحضوره بین یدیّ الله ، أو لکون جهاده فی سبیل الشهادة بالحق ، أو لسقوطه على الأرض ، لأنّ إحدى أسماء الأرض (شاهدة) .
ویُسمّى یوم الجمعة أیضاً (شاهداً) لأنّه یشهد اجتماع المسلمین ، ویُسمّى یوم عرفة (مشهوداً) لحضور حجّاج بیت الله الحرام فیه .
وعلى أیّة حال ، إنّ اطلاق هذه الصفة على الذات الإلهیّة المقدّسة إمّا بسبب حضوره فی کل مکان ، أو لشهادته على جمیع أعمال العباد (1) .
والبلاغ الذی تحمله هذه الصفة الإلهیّة إلى الجمیع هو أنّها تلفتهم إلى حضوره جل وعلا فی کُلّ مکان ، واطّلاعه على أعمال العباد ، فلیس الملائکة وکتبة الأعمال فقط ، ولا أعضاء بدن الإنسان والزمان والمکان الذی یعیش فیه یشهدون أعماله ، بل الأدهى من ذلک کُلّه هو شهادة الذات الإلهیّة المقدّسة ، ومن المسلَّم به هو أنّ الالتفات إلى هذه الحقیقة والإیمان بها له أثر بلیغ فی أن یصلحَ الإنسانُ أعماله وحرکاته .
أجَلْ ، إنّ الإیمان بالله سبحانه وتعالى ومعرفة صفاته یُعَدُّ من أهم وسائل تربیتنا .