وأخیراً نجد أنّ المسألة خرجت من دائرة اعمال العباد فی الآیة العاشرة والأخیرة من آیات البحث ، حیث أشارت الآیة إلى جمیع عالم الوجود وکون الله بصیراً بتنظیم قوانینه : (اَوَلَمْ یَرَوْا اِلَى الطَّیْرِ فَوْقَهُمْ صـَافَّـات وَیَقْبِضْنَ) .
فمن الذی یُمسک هذه الأجسام الثقیلة فی الجو التی تقاوم قانون الجاذبیة ، لساعات أو أسابیع أو أشهر ؟ وقد تواصل بعض الطیور المهاجرة طیرانها لمدّة أسابیع وأشهر متواصلة وبدون أدنى توقف : (مـَا یُمْسِکُهُنَّ اِلاَّ الرَّحْمَـنُ).
لماذا ؟ لـ (اِنَّهُ بِکُلِّ شَىْء بَصِیرٌ) .
فهو یعلم جمیع القوانین التی تساعدها على الطیران باطمئنان وسکینه تامّة ، لأنّه هو خالق هذه القوانین ومنظمه .
أجل ، إنّه هو الرحمن الذی وسعت رحمته العامة جمیع الوجود ، وهو الذی منح هذه الطیور شکلاً مناسباً ووزناً مناسباً وأرجلاً وعیوناً وحواس مناسبة لکی تتمکن من التحلیق فی کبد السماء العالیة .
والملفت هو أنّ اُسلوب الطیران وکیفیة ابتدائه وانتهائهِ متفاوت جدّاً لدى أنواع الطیور طبقاً لهیکلها واُسلوب معیشتها والمحیط الذی تتواجد فیه ، والأعجب من ذلک هو أن أنواعاً من الطائرات قد صُممت وصنعت لحد الآن بالاقتباس من أشکال وأجنحة الطیور المختلفة ، وهذا هو تجلی معنى الآیة (اِنَّهُ بِکُلِّ شَىْء بَصِیرٌ)وإن لم یتجل لنا هذا المعنى بأن کنّا متطبعین على عجائب هذا العالم ، فإنّ مشاهدة الطیور الجمیلة العائمة فی الفضاء بحرکاتها الجذابة الماهرة التی تجذب إلیها الانظار ، کافیة لإدراک قدرة وعلم هذا الخالق البصیر .