أ) اعتبر عامّة علماء الإسلام صفة الحیاة من الصفات الإلهیّة المُسلمة ، ووصفوه سبحانه بالحی القیّوم . وکما عرفنا آنفاً فإنّ الآیات القرآنیة أکّدت هذا المعنى والمفهوم کِراراً بالرغم من أن للمفسرین تعابیر مختلفة فی تصویر حیاة الله سبحانه وتعالى .
وأکثرها وضوحاً ومقبولیّةً هو ماذکرناه آنفاً من کون حیاة الباری تعنی إحاطته بکل شیء علم ، واقتداره على فعل کُلّ شیء ، وإلاّ فالحس والحرکة ودقّات القلب والتنفُّس والتفکُّر وأمثال ذلک لا مفهوم لها بالنسبة إلى الله عزّ وجلّ .
ومن هنا یتضح الدلیل على أنّه عز وجل حیٌّ وقیوم ، لأنّه عندما یکون علم الإنسان المحدود وقدرته الحقیرة دلیلا على حیاة الإنسان ، فکیف بمن یکون علمه غیر محدود وقدرته مطلقة ؟ فلابدّ وأن تکون حیاته أسمى وأکمل من غیره ، بل الحیاة عین ذاته .
ب) علاوةً على هذ ، فهو سبحانه خالق الحیاة ، فهل یُمکن أن یکون واهب الشیء مفتقر إلیه!؟
وأمّا قیمومیته التی قالوا فی تفسیرها : ( هو القائم بذاته المقوّم لغیره ) ، فهی أیضاً من صفاته الملازمة لوجوب وجوده وخالقیته وربوبیته سبحانه .
وقد عدّ البعض مسألة حفظ سائر الموجودات وإعطائهم جمیع حاجاتهم ضمن مفهوم «القیّوم» ، ولکنها لا تزید على ما قُلناه بطبیعة الحال .
یقول المرحوم العلاّمة «الطباطبائی» فی تفسیر «المیزان» : «اسم القیوم أمُّ الأسماء الاضافیة الثابتة له تعالى جمیعاً (صفات الفعل) وهی الأسماء التی تدل على معان خارجة عن الذات بوجه ، کالخالق والرازق والمبدأ والمعید والمحیی والممیت والغفور والرحیم والودود وغیرها» (1) .
وعلیه یُعتبر ذِکر ( یاحىُّ یاقیّوم ) من الأذکار الإلهیّة الجامعة ، لأنّ صفة ( الحی ) هی الأساس لجمیع صفات الذات أی العلم والقُدرة ، و( القیّوم ) تضم جمیع صفات الفعل .
نختم هذا الکلام بحدیث غنی عن أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) حیث قال : « لمّا کان یوم بدر جئتُ أنظر مایصنع النبیُّ فإذا هو ساجد یقول یاحیّ یاقیوم فتردّدتُ مرّات وهو على حاله لایزید على ذلک إلى أن فتح الله له »(2) .
ومن هذا الحدیث نفهم الآثار المفیدة والمبارکة لهذا الذکر الشریف لذا قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی الخطبة 160 من نهج البلاغة : « فلسنا نعلَمُ کُنه عظمتک إلاّ إنّا نعلَمُ أَنّک حیُّ قیوم لا تأخذُکَ سِنَةٌ ولا نوم ».