الرحمة الإلهیّة الواسعة فی الأحادیث الإسلامیّة :

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
توضیح وبلاغ 33 ـ الغافر 34 ـ الغفور 35 ـ الغفّار 36 ـ العفوّ 37 ـ التوّاب 38 ـ الجبّار

لسعة رحمة الله انعکاسات واسعة فی الأحادیث الإسلامیة ، والنماذج التالیة تحکی عن هذه الحقیقة :

1 ـ فی حدیث عن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) قال : «الله رحیم بعباده، ومن رحمته أنّه خلق مائة رحمة واحدة فی الخلق کلهم فبها یتراحم الناس ، وترحم الوالدة ولده ....فإذا کان یوم

القیامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسع وتسعین رحمة فیرحم بها اُمة محمد(صلى الله علیه وآله) » (1) .

2 ـ فی حدیث آخر عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال : «إذا کان یوم القیامة نشر الله تعالى رحمته حتى یطمع ابلیس فی رحمته» (2) .

3 ـ قیل لعلی بن الحسین (علیه السلام) یوماً أنّ الحسن البصری قال : لیس العجب ممن هلک کیف هلک إنّما العجب ممن نجا کیف نجا فقال (علیه السلام) : «لیس العجب ممن نجا کیف نج ، وإنّما العجب ممن هلک کیف هلک مع سعة رحمة الله» (3) .

إلهی لا یعزّ على کرمک اللامتناهی أن تشملنا بزاویة من رحمتک الواسعة هذه .

و کلمة (ودود) مشتقة من مادّة (وُدّ) ـ بضم الواو ـ التی هی فی الأصل بمعنى حب الشیء وتمنّی وجوده ، لذا تستعمل فی کلا المعنییْن (المحبة والتمنّی) .

هذا ماورد فی المفردات ومقاییس اللغة ، لکن لسان العرب ذکرها بمعنى المحبّة فقط ، فی حین أنّ موارد استعمالها فی القرآن الکریم تدل بوضوح على أنّها استُعملت فی معنى التمنّی والمحبّة أیض .

وعلى أیّة حال فإنّ هذه الکلمة صیغة من صیغ المبالغة وتعنی الشخص الکثیر المحبة ، واللطیف أنّ هذه الصفة قد وردت فی القرآن الکریم مصحوبةً بصفة الغفور مرّة ، وبصفة الرحیم مرّة اُخرى ، وکلاهما تتأکدان بصفة (الودود) .

یقول المرحوم الکفعمی فی مصباحه : عندما تستعمل کلمة (ودود) کصفة من الصفات الإلهیّة ، فإنّها تعنی من یحب عباده فیرضى عنهم ویتقبل أعمالهم ... أو بمعنى مَنْ یلقی حب عبده فی قلوب الآخرین حیث قال: (إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَیَجعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا)(4) . (مریم / 96)

«الودود »: (الودود) فعول بمعنى (مفعول) کما یقال : هیوب بمعنى مهیب ، یراد به أنّه مودود ومحبوب ، ویقال : بل فعول بمعنى فاعل کقولک : غفور بمعنى غافر ، أیّ یود عباده الصالحین ویحبهم ، والود والوداد مصدره المودة ، وفلان ودّک وودیدک أیّ حبّک وحبیبک (5) .

واحتمل بعض أرباب اللغة کذلک أنّ کلمة (ودود) هنا تُعطی مفهوم اسم المفعول ، وترمز إلى محبوبیّة الله من قبل عباده المؤمنین (6) .

لکننا نعتقد بأنّ المعنیین الثانی والثالث ضعیفان ، ویظهر من موارد استعمال هذه الکلمة أنّ معناها الدقیق هو (المحبّة والتمنی) الذی ذکرناه .

ومن البدیهی اختلاف مفهوم المحبّة الإلهیّة مع مفهوم المحبة الإنسانیة ، فالمحبّة فی الإنسان نوعٌ من التوجّه القلبی والرغبة الروحیة ، فی حین أنّ الله لیس له قلبٌ ولا روح ، لهذا فإنّ محبته لعباده تأتی بمعنى فعله لما یُسبب خیر البشر وسعادتهم ، وتدل على لطفه وعنایته .

ویظهر أنّ السبب فی تفسیر البعض کلمة (ودود) کإسم مفعول هو أنّهم لاحظوا بأنّ المحبّة بمعنى اسم الفاعل لا تلیق بشأن الباری ، لأنّها من عوارض الموجودات الإمکانیة . لکنها عندما تختصّ بالباری تعالى فانّما یُقصد منها آثارها الخارجیّة ، ولیس هذا هو المکان الوحید الذی یستوجب هذا المعنى والتفسیر ، بل هنالک الکثیر من الصفات والأفعال الإلهیّة من هذا القبیل بالضبط، کقولنا: إنّ الله یغضب على المذنبین ، أی یتصرف معهم تصرُّف الغضبان ، وإلاّ فالغضب الذی یُعطی معنى الهیاج والاضطراب فی نفس الإنسان لا یصدق أن یکون فی الباری تعالى أبد .

وعلى أیّة حال فإنّ الإیمان بهذه الصفة الإلهیّة له أثره التربوی العمیق (کما هو الحال فی بقیة الصفات) ، لأنّ محبّة الله لعباده تؤدّی إلى إیجاد محبة العباد له ، فالمحبّة الحقیقیّة لا تکون من طرف واحد أبد .

وعندما تدخل محبته فی قلوب عباده ویعشقونه سیسیرون باتجاه رضاه ، لأنّ العاشق یخطو وفق ما یرتضیه معشوقه دائم .

وجاءت کلمة (رؤوف) من مادّة (رأفة) وتعنی (الرحمة) ـ حسب قول الراغب الإصفهانی ـ والجدیر بالذکر أنّ تسعة حالات من الإحدى عشرة حالة التی وردت فیها هذه الصفة الإلهیّة فی القرآن الکریم رافقتها صفة (الرحیم) (7) ، لذا فإنّ صِفَتیْ (رحیم) و(رؤوف) توکّدان مفهوم بعضهما البعض .

وهنالک جدال بین المفسّرین والمتکلّمین حول الاختلاف الموجود بین صفتی (رؤوف) و(رحیم) ؟ فاعتقد البعض منهم بأنهما تعطیان مفهوماً واحد ، وعلیه فإنّ ذکرهما إلى جنب بعضهما ذو صبغة تأکید على الرحمة الإلهیّة اللامتناهیة .

فی حین وضَعَ البعضُ الآخر ـ کابن الأثیر فی نهایته ـ فرقاً بینهم ، وهو : إنّ الرأفة مرحلة أدقّ وأسمى من الرحمة ، ولا تستعمل أبداً فی المسائل الردیئة ، لکن الرحمة تستعمل فی المسائل المکروهة التی توجد من ورائها مصلحة معینة (فقد یُمکن أن یُقال : إنّ الرحمة التی یحملها فلان دفعت به إلى قطع إصبعه المتعفّن وقایةً من سریان العفونة إلى بقیة أعضاء بدنه ، لکنه لا یصح استعمال تعبیر «الرأفة» هنا) (8) .

یقول المرحوم الکفعمی فی مصباحه حول تفسیر هذه الکلمة: (قال البعض : إنّ الرأفة مرحلة أسمى من الرحمة ، فی حین اعتقد البعض الآخر بأنّ دائرتها أکثر محدودیّة من دائرة الرحمة) .

یقول المفسّر الکبیر المرحوم الطبرسی فی ذیل الآیة 128 من سورة التوبة : یعتقد البعض بأنّ صفتی (رؤوف) و(رحیم) لهما مفهوم واحد ، ماعدا کون الرأفة مرحلة أقوى من الرحمة ، فی حین قال جماعة آخرون : (تستعمل کلمة (رؤوف) فی المطیعین و(رحیم) فی المذنبین ، ثم نقل عن بعض العلماء السالفین قولهم إنّ الله لم یجمع بین هاتین الصفتین بحقِ أیٍّ من أنبیائه ، لکنّه فعل ذلک کرامةً لنبیِّ الإسلام محمد (صلى الله علیه وآله) حیث وصفه فی هذه الآیة : (بِالمُؤمِنِینَ رَؤُوفٌ رَّحِیمٌ)، وکذلک وصف ذاته جلّ وعلا حیث قال : (إِنَّ الله بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِیمٌ). (9) (البقرة / 143)

قال الطبرسی فی مجمع البیان فی ذیل الآیة : (بِالمُؤمِنِینَ رَؤُوفٌ رَّحِیمٌ). (التوبة / 128)

قیل : هما واحد ، والرأفة شدّة الرحمة ، وقیل : رؤوف بالمطیعین منهم ، رحیم بالمذنبین ، وقیل : رؤوف بأقربائه ، رحیم بأولیائه ، رؤوف لمن رآه ، رحیم بمن لم یره ، وقال بعض السلف : لم یجمع الله سبحانه لأحد من الأنبیاء بین اسمین من اسمائه إلاّ النبی (صلى الله علیه وآله) فإنّه قال : بالمؤمنین رؤوف رحیم .

وکذلک نلاحظ هنا ما لهذه الصفة الإلهیّة من الأثر التربوی والبلاغ الخاص فی قلوب المؤمنین ، لأننا نرى بأنّ الله رؤوف رحیم ، ورسوله (صلى الله علیه وآله) رؤوف رحیم أیض ، لذا یجب أن یکون شیعتهم ومحبّوهم رؤوفین رحماء أیض ، وینعکس على وجودهم شعاعٌ من الرحمة الإلهیّة العامة والخاصة .

تکررت کلمة «لطیف» سبع مرّات فی القرآن الکریم ، وقد وردت کصفة من صفات الله فی جمیع هذه الموارد وغالباً مااقترنت بصفة (خبیر)(10) . ووردت لوحدها فی موضعین فقط (11) .

وعلى أیّة حال فإنّ هذه الکلمة مشتقة من مادّة (لطف) ، وتعنی : العمل الظریف والدقیق والمحبّة والحنان ، وتُطلق أیضاً على کلّ من الموجودات الصغیرة اللینّة ، والحرکات الظریفة ، والقیام بالأعمال الدقیقة ، والأمور التی لاتدرکها حواس الإنسان .

وعندما تختصّ هذه الصفة بالباری تعالى فإنّها تعطی معنى الرفق والمداراة الإلهیّة بینه وبین عباده ، وتوفیقهم وحفظهم من المشاکل (12) .

یقول ابن الأثیر فی تفسیر هذه الکلمة : اللطیف من یجمع بین (الرفق فی العمل) و(العلم بدقائق المنافع وإیصالها إلى أصحابها) .

ویقول المرحوم الکفعمی(رحمه الله) فی (المصباح) : «إنّ دعوة الباری ، فی المشکلات ، بهذه الصفة له أثر عمیق فی رفع وإزالة المنغّصات»(13) .

وقد فسّر المرحوم العلاّمة الصدوق(رحمه الله) ، فی کتاب التوحید، هذه الصفة الإلهیّة کمایلی : «إنّه لطیفٌ بعباده ، یُحسنُ إلیهم ، ویُنعم علیهم ، ثم أضاف قائل : اللطف هو نفس الإحسان والعزّة ، ثم ذکر الحدیث الشهیر الذی یقول : «إنّ معنى اللطیف إنّه هو الخالق للخلقِ اللطیف» کما أنّه سمی) «العظیم لأنّه الخالق للخلق العظیم».

ومن الممکن الجمع بین کل هذه المعانی فی مفهوم کلمة (لطیف) الواسع .

أمّا السّر من اقتران صفة (اللطیف) بـ (الخبیر) فی أغلب الآیات القرآنیة فهو أنّ صفة (الخبیر) ـ طبقاً لما قاله بعض المحققینـ تشیر إلى الإطلاع العمیق والعلم والإحاطة الدقیقة بالحقائق ، ممّا یتناسب مع مفهوم صفة (اللطیف).

إنّ البلاغ والأثر التربوی الذی یترکه الإیمان بهذه الصفة واضح جدّاً لأنّه یؤمل الإنسان بالألطاف الإلهیّة الخفیّة والجلیّة من جهة ، ومن جهة اُخرى یحث بنی البشر للتلطف والترحّم على بعضهم البعض ، ومن جهة ثالثة یدفعهم إلى الاطلاع على مخلوقات الله الظریفة جدّاً والتفکُّر فیه ، ولکل واحد من هذه الأمور الثلاثة أثر بلیغ فی تربیة الناس .

وکلمة (حفیّ) مشتقة من مادّة (حفاء) على وزن (سمَاء) ومن مادّة (حَفا) على وزن (جَفا) ولها عدّة معان ذکرتها مصادر اللغة ، من جملته : سیر الإنسان حافی القدمین ، والإلحاح فی السؤال، العلم والإطلاع على شیء ، الإلحاح فی عمل الخیر .

وقال جماعة أیض : إنّها تعطی معنى ترقق جلد القدم ، وکعب الحذاء ، وحافر الجواد ، بسبب کثرة السیر (14) .

إلاّ أنّه لیس مستبعداً أن یکون الأصل الحقیقی لکل هذه المعانی هو الالحاح فی السیر بشکل یصبح جلد القدم أو الحذاء رقیقاً أو مُستهلک ، ثم استعملت فی حالة الالحاح والمبالغة فی کل شیء من قبیل : الالحاح فی السؤال عن شیء ما بقصد الاطلاع ، والالحاح فی طلب علم الخیر .

ووردت هذه الکلمة فی القرآن فی ثلاثة موارد ، الأول فی مورد الإلحاح فی السؤال ، کما فی قوله تعالى : (إِن یَسْأَلکُمُوهَا فَیُحفِکُم تَبخَلُوا) ! . (محمد / 37)

وفی مورد العلم والمعرفة کما فی قوله تعالى : (یَسْأَلونَکَ کَأَنَّکَ حَفِىٌّ عَنْهَا) .(الأعراف / 187)

وفی مورد الإلحاح فی عمل الخیر کما فی الآیة : (سَلاَمٌ عَلَیکَ سَأَستَغفِرُ لَکَ رَبِّى إِنَّهُ کَانَ بِى حَفِیًّا) . (مریم / 47)

وعلى أیّة حال فعندما تختصّ هذه الکلمة بالباری تعالى فإنّها یُمکن أن تعطى معنى العالم والخبیر ، وفی هذه الحالة تکون من صفات الذات ولیس الفعل ، وربّما تأتی بمعنى منتهى الإحسان والمحبّة أیض ، فتُعد فی هذه الحالة من صفات الفعل الإلهی .

وبالمناسبة فانّها وردت فی القرآن کصفة مرّة واحدة فقط ، وبمعنى منتهى الإحسان والمحبّة والتی وردت فی قصة إبراهیم وعمّه التی ذکرناها سابق .

ویتضح البلاغ التربوی الذی تحمله هذه الصفة الإلهیّة فی طیاته ، بقرینة ما ذکرناه فی الصفات المشابهة لها، وذلک لأنّها تحیی بصیص الأمل فی قلوب العباد وتقربهم نحوه ـ سبحانه ـ من جهة ، ومن جهة اُخرى تعطی درساً فی الإحسان والمحبّة والحنان .


1. مستدرک سفینة النجاة نمازی شاهرودی، ج 4، ص 135 .
2. بحار الأنوار، ج7، ص 287 ، (باب مایظهر من رحمته تعالى فی القیامة) .
3. سفینة البحار، ج 1 ص 517 .
4. مصباح الکفعمی، ص 325 .
5. توحید الصدوق، ص 214 .
6. مجمع البحرین، مادّة (ود); توحید الصدوق، ص 214 .
7. البقرة ، 143; التوبة ، 117 ; التوبة، 128 ; النحل ، 7 و47 ; الحج ، 65; النور ، 20 ; الحدید ، 9 ; الحشر ، 10 .
8. نهایة ابن الأثیر، مادّة (رأف) ، ونفس هذه المادّة فی (لسان العرب) و(مجمع البحرین) .
9. تفسیر مجمع البیان، ج 5 ، ص 86 .
10. الأنعام ، 103; الحج ، 63; لقمان ، 16; الملک ، 14 ; الأحزاب ، 34 .
11. یوسف ، 100 ; الشورى ، 19 .
12. مفردات الراغب الأصفهانی ولسان العرب ، مادّة(لطف) .
13. مصباح الکفعمی، ص 322 .
14. مفردات الراغب ; لسان العرب ; مقاییس اللغة ; نهایة ابن الأثیر ; تاج العروس ; وکتاب العین .

 

توضیح وبلاغ 33 ـ الغافر 34 ـ الغفور 35 ـ الغفّار 36 ـ العفوّ 37 ـ التوّاب 38 ـ الجبّار
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma