وفی الآیة الخامسة یُطالعنا تعبیر جدید ، وهو اقتران مفهوم «السمیع» مع مفهوم «البصیر» ، حیث قال سبحانه مخاطباً رسوله الکریم (صلى الله علیه وآله) : (وَاِنِ اهْتَدَیْتُ فَبِمـَا یُوْحِى إِلىَّ رَبِّى اِنَّهُ سَمِیعٌ قَریْبٌ) .
وهذه الآیة تشیر إلى احتمال ضلال الرسول بدون الوحی الإلهی ، وأنّ الذی یعصمه(صلى الله علیه وآله)من الخطأ ویهدیه إلى الحق والصواب هو الوحی الإلهی ، لا التفکُّر والاستدلال البشری المعرض للخط .
وقد ورد فی بعض التفاسیر بأنّ جماعة من المشرکین قالوا للرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله) : لقد ظللت یامحمد ، لأنّک ترکت دین أجدادک ، فنزلت هذه الآیة وأجابتهم عن لسان رسول الله(صلى الله علیه وآله) : بأنّه لو کنت أعتمد على نفسی فی هذا الأمر لکنتم محقین فی اتهامکم لی بهذه الاتهامات ، ولکن ارتباطی بالوحی الإلهی لا یبقی معنىً للضلال فی هذه الحالة ، وذلک لأنّه تعالى یعلم أسرار الغیب ، (وهی العبارة التی وردت فی الآیتین السابقتین) ، وهو السمیع البصیر (العبارة الواردة فی الآیات الثلاث السابقة) وهو السمیع القریب (هذه العبارة الواردة فی ذیل هذه الآیة المعنیة فی بحثنا هذا) .
ویستنتج من هذه الآیة أیضاً أنّ الاعتماد على النفس هو الذی یقود الإنسان إلى الضلال ، وأنّ الاعتماد على القوة العقلیة أیضاً لا یوصله إلى مکان معین ، وأنّه یحتاج لبلوغ مراده إلى الاستنارة بنور الوحی الإلهی .
والملاحظة الأخیرة هی أن قرب الله منّا لیس کقرب بعضنا من بعض ، بل هو أقرب إلینا من أنفسن ، کما سنبحث هذا فی محلّه إن شاء الله تعالى .