من المتعارف علیه أنّ عالَم الوجود محلُّ بروز وظهور الصفات الإلهیّة ، وهذه المسألة واضحة تماماً خصوصاً بالإلتفات إلى صفات الفعل، لأنّ جمیع ما نشاهده فی هذا العالَم من الخلق والتکوین مظهر لخالقیته سبحانه وتعالى.
وجمیع ما نشاهده من الرحمة المادیّة والمعنویّة مظهرٌ لرحمانیته .
وکل تدبیر فی هذا العالم یدلّ على ربوبیته، وجمیع الأرزاق الظاهریّة والباطنیّة هی مظاهر لرازقیته سبحانه.
وکما أشرنا سابقاً، ونظراً لکون صفات الفعل مشتقّة من أفعاله جلّ وعلا ، وأفعاله لا تعدّ ولا تحصى فإنّ صفاته الفعلیة لا تعدّ ولا تحصى أیضاً .
وقد ذکرنا فی البحوث السابقة ستین صفة من أهم (صفات الفعل) الواردة فی القرآن الکریم ، والتی تتشعّب من کلٍّ منها صفات اُخرى ، وتطرّقنا إلى تفسیرها وتحلیلها .
إنَّ الانتباه إلى هذه الصفات لا یُعرفنا بالأفعال الإلهیّة فحسب ، بل إنّ معرفة أفعاله تؤدّی إلى تخلّقنا بها وتربیة نفوسنا وتهذیب أرواحنا، (فتأمّل).
وینبغی التذکیر بهذه المسألة أیضاً وهی أنّ بعض الصفات الإلهیّة لا ریب فی انتسابها إلى صفات الذات (مثل عالِم) وبعضها إلى صفات الفعل (کالرازق والخالق) ، وبعضها الآخر ذات جانبین ; ذاتیة من ناحیة ، وفعلیّة من ناحیة اُخرى ، کالقیّوم مثلاً فإن فُسّرت بمعنى (القائم بالذات) صارت من صفات الذات، وان فُسّرت بمعنى (مقوّم الموجودات) صارت من صفات الفعل .
