6 ـ تبریرات المخالفین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
5 ـ نفی المکانیة عن الله فی الروایات الإسلامیة7 ـ المتصوّفة ومسألة الحلول

أثبت تاریخ العقائد الإسلامیّة بأنّ المنحرفین عن أصول الدین المعروفة کانوا یسْتعینون بالآیات المتشابهة لإثبات مقاصدهم دون أن یلتفتوا إلى القانون الذی طرحهُ القرآن فی هذا المجال ، وهو تفسیر المتشابهات فی ظل المحکمات .

وقد لجأ القائلون بوجود مکان لله تعالى ، والقائلون بوجود جسم له أیضاً إلى بعض الآیات المتشابهات واعتبروها کافیةً لإثبات ادّعائهم بصورة منفصلة عن بقیة الآیات القرآنیة ، إلیکم أهمه :

1 ـ (الرَّحْمَنُ عَلى العَرشِ اسْتَوَى). (طه / 5 )

تصور هؤلاء بأنّ (العرش) سریرٌ فی أعلى السموات ، یجلس الله علیه ، ویصدر أوامره إلى الملائکة !

فهم یتغافلون عن أنّ هذا تعبیرٌ کنائی یُستعمل فی الکثیر من العبارات المتداولة ،وهو کنایة عن السلطة والقدرة .

ویجدر التوضیح بأنّ الملوک القدماء کانوا یمتلکون نوعین من العرش :

الأول: مرتفع یطلق علیه العرب إسم (العرش) ، یجلس علیه الملک فی الأیام الخاصّة ذات الطابع الرسمی .

والثانی: منخفض ، یأتی إلیه الملک کل یوم ویجلس علیه فی الحالات الطبیعیة لیمارس عمله ویصدر أحکامه وأوامره ویدبّر أمور البلاد ، ویُطلق علیه العرب (الکرسی) .

واستُعملت کلمتا (العرش) و(الکرسی) رویداً رویداً کرمزین وکنایتین عن السلطة ، وهذا المفهوم واضح فی التعابیر التالیة :

یقال : نَحَّوا الشخص الفلانی عن عرشه أی سُلبَت سلطتُهُ . أو فلانٌ فُلَّ عرشُهُ ، أی انتهت حکومته ، أو إنَّ الحادثة الفلانیة هزَّتْ أرکان عرشِ فلان أی زلزلت سلطتهُ ، ومن قبیل هذه التعابیر .

وَعلیه فعرش الله معناه العالم العلوی ، وکرسیُّهُ معناه العالم السفلی ، أو إنّ العرش إشارة إلى عالم ما وراء الطبیعة والمجرّدات ، والکرسی إشارة إلى عالم المادّة ، والشاهد على هذا الکلام آیة:(وَسِعَ کُرسِیُّهُ السَّمَواتِ وَالأَرضَ) . (البقرة / 255)

فعندما یکون کُرسی الله قد وسع جمیع السموات والأرض فإنّه یعنی أنّ عرشه ما وراء السموات والأرض ، أی ما وراء عالم الطبیعة (1) .

بناءً على ذلک فحینما یُقال : الرحمن على العرش استوى ، فالمقصود منه أنّ حاکمیته ، ومالکیته ، وسلطته شملت العالم العلوی بوسعه ، والعالم السفلی بتمامه .

وهذا الأمر واضحٌ جدّ ، ویُمکن للآیات القرآنیة التی تنفی وجود مکان لله (وأوردناها فی بدایة الکلام)، أن تکون خیر دلیل على تفسیر هذا الأمر .

ورد فی تفسیر المیزان أنّ الآیة التی تلت هذه الآیة (طه / 6) تقول: (لَهُ مَا فِى السَّماوَاتِ وَمَا فِى الأَرضِ وَمَا بَیْنَهُمَا وَمَا تَحتَ الثَّرَى) ، وهی قرینة واضحة لتفسیره (2) .

وردَّ الفخر الرازی فی تفسیره على استدلال المشبِّهة ، بهذه الآیة على جلوس الله على عرشه ، بعشر أدلة عقلیّة ونقلیّة ، من جملتها: إنّ الله کان موجوداً قبل خَلق العرش أو أی مکان آخر ، فهو لم یکُن محتاجاً إلى المکان منذ الأزل ، فکیف یُمکن أن یحتاج إلى مکان بعد خلق العرش ؟ !

والآخر هو : لو أنّ الله تعالى جالسٌ على عرشه وفقاً لتصور هذه الجماعة لاستلزم أن یکون جزء من وجوده الکائن على یمین العرش غیر الجزء الموجود على یساره! ولاستلزم الترکیب ، والأخیر یحتاج إلى الأجزاء بدوره ، (وهذا محال).

والآخر هو قول القرآن عن إبراهیم (علیه السلام) : (لاَ أُحِبُّ الآفِلِینَ). (الأنعام / 76)

یُشیر إلى حضوره تعالى فی کل مکان ، فلو کان جالساً على عرشه للزم أن یکون غائباً ومختفیاً دائم ، وهذا عین الأفول !

ومن جهة اُخرى یشیر القرآن الکریم فی الآیة 17 من سورة الحاقّة إلى حملة العرش من الملائکة، وبناءً على معتَقد جماعة (المشبّهة) یستلزم أن یکون الله بحاجة إلى ملائکة العرش لیحفظوه ! فی حین أنّ الله على کل شیء حفیظ .

علاوةً على کون جمیع آیات التوحید ونفی التشبیه من المحکمات ، ونحن نعلم بأنّ ما یلزم التوحید ونفی الکفؤ عنه تعالى هو نفی الجزئیة عنه بکل ألوانها، وهذا لایتناسب مع استقراره فی مکان معین ....(ودلائل اُخرى) (3) .

ومن جملة الآیات التی استعان بها هؤلاء الجماعة، هی الآیة 22 من سورة الفجر ، فبعد أن شرح سبحانه حوادث نهایة الدنیا وقیام القیامة قال : (وَجَاءَ رَبُّکَ وَالمَلَکُ صَفًّا صَفًّا) .

طبع ، کما قال أکثر المفسّرین : إنّ المقصود من الآیة هو مجی الأمر الإلهی لمحاسبة الناس ، أو حلول آیات عظمته ، لأنّ هذه الآیات والدلائل عظیمة لدرجة بحیث وکأنّ مجیئها یُعبّر عن مجی الذات الإلهیّة المقدّسة وتجلو کل أنواع الریب والشک من القلوب (4) .

من هنا فقد ورد بصریح العبارة فی الآیات التی قرأناها سابقاً أنّ الله موجود فی کل مکان ، ولا یخلو مکانٌ من ذاته المقدّسة ، ولا یسعه مکان فی نفس الوقت : (وَهُوَ مَعَکُم أَیْنَ مَا کُنْتُم) .

مع هذا فکیف یُمکن أن ینتقل من محل لآخر ، کما استنتج (جماعة المشبهّة) من ظاهر کلمة (جاء) منها: (وَهُوَ مَعَکُم أَیْنَ مَا کُنتُم). (الحدید / 4)

ومنها:(وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیهِ مِن حَبلِ الوَرِیدِ). (ق / 16)

ومنها:(فَأَینَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ). (البقرة / 115)

ومنها: (هُوَ الَّذِى فِى السَّمَاءِ اِلَهٌ وَفِى الأَرضِ إِلَهٌ). (الزخرف / 84)

کیف یُتصوَّر انتقالُه من مکان لآخر ؟

علاوةً على أنّ التغییر ، والزوال ، والغروب ، والأفول ، والحاجة إلى المکان ، تعتبر من لوازم الانتقال .

والشاهد على هذا التفسیر، قوله تعالى:(هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِیَهُمُ المَلاَئِکةُ أَو یَأتِىَ أَمرُ رَبِّکَ). (أی الموت أو العذاب الإلهی) . (النحل / 33)

ولکن تُلاحظ تعابیر من هذا القبیل فی بعض الآیات القرآنیة أیضاً مثل: (إِلَیهِ یَصعَدُ الکَلِمُ الطَّیِّبُ). (فاطر/ 10)

و :(تَعْرُجُ المَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ إِلَیهِ). (المعارج / 4)

و : (لَنْ یَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَکِنْ یَنَالُهُ التَّقوَى مِنکُم). (الحج / 37)

ومن المسلَّم به أنّ جمیع هذه التعابیر تُشیر إلى الصعود المعنوی ، والعروج الروحی ، والقرب الباطنی ، بقرائن نفس الآیات ، لأنّ العمل لیس بالشیء الذی یصعد إلى السموات الظاهریّة ، وکذلک التقوى لیس لها عروج جِسْمانیّ ، (تأمل جیداً) .

لکن الذین لاینتبهون إلى هذه الحقائق ویتقیّدون بالألفاظ فقط یسلکون طریق الخرافات ظنّاً بأنّهم یرون الحقیقة .

وقد وردت تعابیر فی بعض الآیات أیضاً تبیّن فی الواقع عقیدة الکافرین ، لکن الجهلاء اتخذوها مبرراً للقول بوجود جسم ومکان لله تعالى من دون الإنتباه إلى ذلک ، فمثلاً نقرأ فی قوله تعالى: (هَلْ یَنظُرُونَ إِلاَّ أَن یَأتِیهُمُ اللهُ فِى ظُلَل مِّنَ الغَمَامِ وَالمَلاَئِکَةُ) . (البقرة / 210)

(ماأسخفه من مُعتقَد وتصور ساذج) .

وعلیه فإنّ الإستفهام الموجود فی الآیة هو بالحقیقة استفهامٌ إستنکاری ، أی عدم إمکانیة تحققُ مثل هذا الشیء (5) .

وخلاصة الکلام هو أنّ وضوح تفسیر مثل هذه الآیات موقوف على قلیل من الدقّة ، والرجوع إلى الآیات المحکمات بالنسبة إلى نفی الجسم ، والمکان ، والزمان لله سبحانه وتعالى ، فلا یبقى محلٌ للاشتباه والشک والریب .


1. لما کان الاستواء على العرش وهو سریر الملک ممّا یردف الملک ، جعلوه کنایةً عن الملک فقالوا: استوى فلان على العرش یریدون مُلک وإن لم یقعد على السریر البتة، الکشاف ج 3 ، ص 52 .
2. تفسیر المیزان، ج 14 ، ص 131 .
3. تفسیر الکبیر، ج 22 ، ص 5 .
4. تفاسیر ، مجمع البیان، المیزان، القرطبی، روح الجنان وغیره .
5. فسّر بعض المفسّرین الاستفهام الموجود فی الآیة بأنّه استفهام تحذیری ، وقدّروا کلمة (أمر) محذوفة کما مرّ فی بعض الآیات السابقة، وقالو : إنّ على هذه الجماعة من الکفار أن ینتظروا مجی أمر الله بالعذاب ومجی ملائکة الحساب لمحاسبتهم .

 

5 ـ نفی المکانیة عن الله فی الروایات الإسلامیة7 ـ المتصوّفة ومسألة الحلول
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma