5 ـ الله عزّ وجلّ لیس جسماً

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
4 ـ أدلّة القائلین بالرؤیة الظاهریّةتمهید

هناک جماعة بین المسلمین وغیر المسلمین تدعى بـ (المجسّمة) ، والتی تعتقد بجسمانیة الله ، وتنسب إلیه جمیع عوارض الأجسام ، وقد نُقلَت عنهم مطالب مُضحکة ومُخجلَة فی نفس الوقت ، إلى درجة أنّ الشهرستانی فی کتاب «الملل والنحل» ینقل عنهم أنّهم یقولون حتى بإمکانیة لمس الله ، ومصافحته ومعانقته ، من قبل المسلمین الخُلَّص!! حتى أنّه نُقِلَ عن ( داود الجواربی ) ، الذی کان من القائلین بهذا المذهب ، أنّه قال : « اعفونی من الفرج واللحیة واسألونی عمّا وراء ذلک ، فمعبودی جسم ودم ولحم ، وله جوارح وأعضاء ، من ید ورجل ،ورأس ، ولسان ، وعینین ، وأذنَین ، ومع ذلک فهو جسم لا کالأجسام ولیس کمثله شیء ، ولحم لا کاللحوم !».

وکذلک نُقل عنه أیضاً بأنّه کان یقول: « إنّه (1) أجوف من أعلاه إلى صدره ، مصمت ما سوى ذلک ، وإنّ له وفرة سوداء(2) وله شعر قط(3) ) .

ویذکر ( المحقق الدوانی ) عنهم عجائب اُخرى فیقول: «إنّهم طوائف مختلفة، فبعضهم یقول: إنّه ( عزّ وجلّ ) مرکب من لحم ودم!!

ویقول البعض الآخر: إنّه نور متلالی کصحیفة بیضاء طوله سبعة أشبار من أشباره هو!

ویقول البعض: إنّه شاب أمرد ذو شعر مجعّد!

والبعض یقولون: إنّه بشکل شیخ کبیر لون شعر رأسه ولحیته سوداء بیضاء» (4).

إنّ هذا الکلام غیر العقلائی یشیر بوضوح إلى مقدار ما تحمله هذه الطائفة من انحطاط فکری، فعبّروا عن الله تعالى بتعابیر لا تصدر حتى من الأطفال الصغار ، ولم یخجلوا من ذکر هذه الأمور .

طبعاً لا یمکن التصدیق الآن بوجود أحد من المسلمین أو غیر المسلمین یحمل مثل هذه الاعتقادات .

وبما أنّ کلّ إفراط یتبعه تفریط ، فقد ظهر فی مقابل هؤلاء جماعة احترزوا عن التشبیه إلى درجة أنّهم کانوا یقولون: إذا حرّک أحد یدیه أثناء قراءة آیة (خَلَقْتُ بِیَدیَّ)وجب قطع یدیه! أو إذا أشار باصبعیه عند قراءة هذه الروایة الواردة عن النبی (صلى الله علیه وآله) أنّه قال: « قلبُ المؤمن بین إصبعَین من أصابع الرحمن » . وجب قطع کلا إصبعیه»!(5).

وعلى أیّة حال یظهر أنّ هذه العقائد السخیفة الرکیکة بخصوص جسمیّة الله تعالى تنبع من أحد أمرین:

الأول: الأنس المفرط بعالم المادّة والمحسوسات ، الأنس المصحوب بالسّذاجة والجهل الذی لا یسمح للأنسان تقبَّل شیء غیر المادّة ، الأنس الذی یؤدّی إلى مقایسة الله عزّ وجلّ بالانسان وصفاته .

الثانی: التعابیر الکنائیة والمجازیّة الملحوظة فی القرآن الکریم والروایات الإسلامیة ، حیث یمکن أن یتوهّم السُّذَّج منها الجسمیّة .

ولکن بالإلتفات إلى نقطة واحدة یتّضح بأنّ قبول فکرة الجسمیّة بالنسبة لله تعالى یُساوی نفی إلوهیته ، ونفی وجوب وجوده ، لأنّ کُلّ جسم یتشکل من أجزاء ، ولابدّ له من لزوم المکان والزمان ، وکونه معرضاً للحوادث والتغیُّرات ویتجه دائماً نحو الهلاک والفناء ، وتکفی کل واحدة من هذه الصفات لنفی إلوهیة الله ووجوب وجوده .

مضافاً إلى ذلک أنّه لو کان جسماً لکان له شبیه ومثیل ، ونحن نعلم أنّ آیات متعددة من القرآن الکریم نفت عن الله تعالى أى شبیه أو مثیل .

ونختم هذا الکلام بحدیث منقول عن الإمام الکاظم (علیه السلام): «ذکر عنده قوم زعموا أنّ الله تبارک وتعالى ینزل إلى السماء الدنی ؟ فقال : إنّ الله لا ینزل ولا یحتاج إلى أن ینزل ، إنّما منظره فی القرب والبعد سواء).... ، ولم یحتج إلى شیء بل یُحتاج إلیه ، أمّا قول الواصفین : إنّه ینزل تبارک وتعالى عن ذلک فإنّما یقول ذلک من ینسبه إلى نقص أو زیادة ، وکل متحرک محتاج إلى من یحرّکه أو یتحرک به فمن ظن بالله الظنون فقد هلک وأهلک ، فاحذروا فی صفاته من أن تقفوا له على حدّ من نقص أو زیادة ، أو تحریک أو تحرک ، أو زوال أو استنزال ، أو نهوض أو قعود فإنّ الله عزّ وجلّ عن صفة الواصفین ونعت الناعتین وتوّهم المتوهمین» (6) .

وهناک روایات کثیرة فی هذا المجال ولکن وضوح الموضوع یغنینا عن التوغُّل فی البحث(7).

والعجب من إصرار بعض أرباب الملل والنحل على نسب مسألة الاعتقاد بجسمانیة الله تعالى إلى الشیعة اتباع مذهب أهل البیت (علیه السلام) ، لکن مطالعة کُتب الشیعة تشیر بوضوح إلى انهم بلغوا القمّة فی تنزیه الله تعالى عن الجسمانیة ، وأی صفة من صفات الأجسام وعوارضه ، لذا فقد قال الإمام الرض(علیه السلام): « إنّه لیس منّا من زعم أن الله عزّ وجلّ جسم ونحن منه بُراء فی الدنیا والآخرة »(8) .


1. الملل والنحل، ج 1 ، ص 96 ـ 97 .
2. «الوفرة» ( بفتح وسکون ) شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الاذن .
3. «شعر قط» ( بالفتح والتشدید ) و«قطط» ( الفتحتین ) وقیل قصیر کثیر الجعودة ، حسن التجاعید .
4. بحار الأنوار، ج 3 ، ص 289 .
5. الملل والنحل،ج 1، ص 97.
6. بحار الأنوار، ج3 ، ص 311 ، ح 5 باختصار .
7. لزیادة الأطلاع على روایات هذا الموضوع راجع توحید الصدوق، ص 97 ـ 104ـ باب أنّه عزّ وجلّ لیس بجسم ولا صورةـ ( فهنالک عشرون روایة منقولة حول هذا الموضوع 205) .
8. توحید الصدوق، نفس الباب السابق ، ح 20 .

 

4 ـ أدلّة القائلین بالرؤیة الظاهریّةتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma