ونحن أقرب الیکم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
وکل شیء فی کتاب مبین 1 ـ تأثیر علم الله فی بُعدی العرفان والتربیة

وفی الآیة الثانیة عشرة تعابیر جدیدة ولطیفة حول علم الله ، فقد طرحت فیها أیضاً مسألة علم الله کتحذیر لجمیع الناس لیراقبوا أفکارهم ونیّاتهم ، وماتکن صدورهم ، قال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنـَا الاِْنْسـَانَ وَنَعْلَمُ مـَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ اَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیْدِ) .

أشارت هذه الآیة إلى قسمین من علم الله تعالى :

الأول : یعتمد على مسألة خلق الإنسان ، أی کیف یمکن أن یجهل الخالق الحکیم فعله ؟ خصوصاً وأنَّ خلقهُ مستمر وفیضه ینزل کُلَّ لحظة على جمیع موجودات عالم الوجود ، وبتشبیه ناقص ، هو التیار الذی ینبعث من المولد الکهربائی ویزود المصابیح بالنور باستمرار .

والثانی: هو أنّه غیر بعید عن مخلوقاته ، فهو أقرب إلیهم من أنفسهم ، لذا فحضوره الدائمی وقربه یعد دلیلا آخر على إحاطته بجمیع الاُمور .

وقد ذکرت فی کتب التفسیر واللغة تفاسیر متعددة بخصوص کلمة «ورید» منه : أنّ (الراغب) فسره بمعنى الشریان الذی یتصل بالقلب والکبد ، وقال جماعة : إنّه بمعنى ورید الرقبة .

وقال آخرون : إنّه بمعنى الورید الذی یتصل بالفم أو تحت اللسان وفسره جماعة بأنّه بمعنى جمیع الأوعیة الدمویة الموجودة فی البدن . وبدیهی فإنّ المعنى الأول (الشریان الرئیسی الأبهر) أکثر تناسباً مع مفهوم الآیة ، لأنّه أراد أن یبیّن قرب الله الشدید من الإنسان ، وهذا المعنى أقرب خصوصاً مع ملاحظة وجود وریدین فی الرقبة .

والتعبیر بکلمة «حبل» یُشیر أیضاً إلى أنّ المقصود لیس جمیع أوردة البدن ، بل الرئیسة منه ، وکما عبر البعض حیث قالو : بأنّ المقصود هو الأوردة التی لها منزلة الأنهار لا الجداول .

وعلى أیّة حال فهذه الکلمة مشتقة من کلمة (ورود) أی بمعنى الوصول إلى الماء ـ التی لها تناسب واضح مع أوردة الدم .

ومن هنا یعبر عن الأزهار بالورد ، أی الثمرة الاُولى التی ترد من الشجرة (1) .

«توسوس»: من الوسوسة والوسواس ، وهو بمعنى الصوت الهادىء الخارج من آلات الطرب ، والنداء والصوت الخفی ، والخواطر القلبیة ، والتصورات الفکریة الخاطفة ، والأفکار غیر المرغوبة (2) .

وعلى أیِّ حال، فعندما یحیط الله تعالى بالخواطر الفکریة الخاطفة ، فإنّه لا یبقى مجالٌ للشک والتردید بأنّه سبحانه یحیط علماً بسائر أعمالنا وأفعالنا واعتقاداتن . وتعبیره : ونحن أقرب إلیه من حبل الورید ، إضافة إلى کونه تحذیر ، فهو ینزل علینا نوعا من السکینة الباعثة للأمل ، ونور هذا الأمل هو الذی ملأ جمیع أجزاء وجودن .

ألیس عجیباً أن یبتعد الإنسان من محبوبه بعد أن یعلم بأنّه أقرب إلیه من نفسه ؟ من الذی یقاسمنا ألم هذه المصیبة عندما یکون المحبوب قریباً من الإنسان ولکن الإنسان یحترق بنار الهجران ؟

نحن أقرب قال من حبل الورید *** أنت قد هاجرت عنه وتوغلّت بعید

أیّها المالی قوساً من نبال *** قَربُ الصید وترمی للجبال !!

وبضم الآیات القرآنیة المذکورة إلى بعضه ، یتضح بأنّ القرآن الکریم قد وضع برنامجاً دقیقاً واسعاً لتبیان علم الله وإحاطته اللامحدودة بجمیع الاُمور بذکر أدلة دقیقة ضمن عبارات مختلفة ، وجعلها أساساً لتربیة الإنسان فی جمیع الاحوال !


1. مفردات الراغب; ومقاییس اللغة; ولسان العرب; وتفسیر المیزان; والفخر الرازی; والقرطبی; وفی ظلال القرآن وغیرها من التفاسیر .
2. «وسواس» اسم مصدری ، و «الوسواس» بکسر الواو ذو معنى مصدری ، وقد تأتی الکلمة (اسم فاعل) أی الشیطان ، (لسان العرب) .

 

وکل شیء فی کتاب مبین 1 ـ تأثیر علم الله فی بُعدی العرفان والتربیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma