لیس من الیسیر على أفراد یعیشون دائماً فی أسر عالم المادة وقد جبلوا على هذا التفکیر ولم یتجاوز نطاق تفکیرهم هذا الحد أن یتصوروا وجوداً مجرّداً من المادة.
ولکن وکما قُلنا فی بدایة بحث الصفات الإلهیّة ، فإنّ أول خطوة فی طریق معرفته هی تنزیهه عن صفات مخلوقاته ، خاصةً عن صفات الموجودات المادیّة من قبیل الزمان ، المکان ، التغیُّر ، والحرکة .
ومن هنا یبدو واضحاً أنّ من لوازم معرفة الله معرفة حقیقیة هو تنزیهه عن المکان والمحل .
فمن البدیهی أنّ الاتصاف بالمحل ملازم للقول بالتجسیم ، وقد عرفنا فی البحوث السابقة أنّ الله عزّ وجلّ لیس بجسم ولا یتصف بصفات الأجسام ، ولایحیطهُ مکان ولا یسعه زمان ، وفی نفس الوقت یحیط بجمیع الأمکنة والأزمنة!
بهذا التمهید نتوجه إلى القرآن الکریم لنتأمل فی الآیات التالیة بأسماع قلوبنا:
1 ـ (وَللهِِ المَشرِقُ وَالْمَغرِبُ فَأَیْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ اِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِیمٌ) . ( البقرة / 115 )
2 ـ (وَهُوَ الَّذِى فِى السَّمَاءِ إِلهٌ وَفِى الأَرضِ اِلَهٌ وَهُوَ الحَکِیمُ العَلِیمُ). (الزخرف/84)
3 ـ (وَهُوَ مَعَکُم أَینَ مَا کُنتُم وَاللهُ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِیرٌ) . ( الحدید / 4 )
4 ـ (مَا یَکُونُ مِن نَّجْوى ثَلاَثَة إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُم وَلاَ خَمسَة إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُم وَلاَ أَدنى مِن ذَلِکَ وَلاَ اَکْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَینَ مَا کَانُوا) . ( المجادلة / 7 )
5 ـ (وَلَقَدْ خَلَقنَا الإِنسَانَ وَنَعلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفسُهُ ونَحنُ أَقرَبُ إِلَیهِ مِن حَبلِ الوَرِیدِ) . ( ق / 16 )
6 ـ (هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِکُلِّ شَىء عَلِیمٌ) . (الحدید / 3 )
7 ـ (وَأَنْتُم حِینَئذ تَنظُرُونَ * وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَیهِ مِنکُم وَلَکِن لاَّتُبصِرُونَ)(1). (الواقعة /84 ـ 85 )