فی الآیة السابعة نلاحظ نقطتین جدیدتین فی مجال علم الله : (یَعْلَمُ مَا یَلِجُ فِى الأَرضِ وَمَا یَخرُجُ مِنهَا وَمَا یَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا یَعرُجُ فِیهَا) .
وعلیه فهو یعلم بکل مایلجُ فی الأرض من جمیع بذور النباتات وقطرات الغیث وجذور الأشجار والمعادن والذخائر والکنوز والدفائن وأجساد الموتى وأنواع الحشرات التی تتخذ من أعماق الأرض بیوتاً له .
وکذلک یعلم بکل النباتات التی تنبت فی الأرض وتخرج منه ، والکائنات الحیّة التی تخرج منه ، والمعادن والکنوز التی تظهر ، والمواد المنصهرة التی تخرج من بطون الأرض على صورة براکین ، وعیون الماء الصافیة أو المیاه المعدنیة الساخنة التی تنبع من الأرض ، وأشعة الشمس الحیویة ، وقطرات الغیث التی تسقط من السماء ، والشُهُب والنیازک والحبّات التی تنقلها الریاح من مکان إلى آخر ، وکذلک یعلم بما یعرج إلى السماء من الملائکة وأرواح الناس ، وأنواع الطیور والغیوم التی تتکوّن من میاه المحیطات والبحار ، وبالتالی فهو سبحانه قد أحاط علماً بأدعیة وأعمال الناس التی تعرجُ إلى السماء .
ولو أمعنا النظر فی هذه الحقیقة أی بأنواع الکائنات الموجودة فی هذه العناوین الأربعة ، لأدرکنا عظمة وسعة علم الله .
والنقطة الاُخرى هی قوله سبحانه فی نهایة الآیة : (وَهُوَ مَعَکُمْ أیْنَ مـَا کُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصیرٌ) .
فما أجمله وألطفه من تعبیر ؟ إنّه تعالى یقول : إن کان الحدیث فی بدایة الآیة عن علم الله بمختلف الموجودات الأرضیة والسماویة فإنّ هذا لا یعنی أبداً أن تعبدوهُ بعیداً عنکم ، فإنّه معکم أینما کنتم ، وهو یرى أعمالکم ، فإنّه لم یقل : «یعلم» بل قال : «بصیر» وهذا دلیل على الحضور والمشاهدة .
واللطیف فی هذه الآیة هو الاستعانة بمسألة علم الله لتربیة الإنسان أیض .
فمن جهة تقول ـ هذه الآیة ـ للإنسان : إنّک لست وحیداً فهو تعالى معک أینما کنت ، فتمنح بذلک لروحه السکینة ، ولقلبه الصفاء ، ومن جهة اُخرى تقول له : أنت بین یدی الله والعالم کُله فی قبضته فراقب أعمالک جید . وبهذا الترتیب تجعله دائماً بین الخوف والرجاء .
ومن البدیهی فإنّ هذه المعیّة لا تعنی الحضور المکانی بل هی إشارة إلى احاطة علم الله بکل شیء .