أشارت الآیة الحادیةُ عشرة إلى علم الله بسرّ الإنسان وعلانیته ، وغیب السموات والأرض ، قال تعالى:
(وَاِنَّ رَبَّکَ لَیَعْلَمُ مـَا تُکِنُّ صُدُورُهُمْ وَمـَا یُعْلِنُونَ * وَمـَا مِنْ غـائِبَة فِى السَّمـَاءِ وَالاَْرْضِ اِلاَّ فِى کِتـَاب مُّبیْن ) .
وتعبیره سبحانه «ربک» إشارة لطیفة إلى هذه الحقیقة : فهل یمکن أن یکون المربی ومالک التدبیر والتصرف لکل المخلوقات أن لا یحیط علماً بالحالات الباطنیة والظاهریة لمن یربیه ومن هو تحت تصرفه ؟ وهذه الربوبیة هی بذاتها الدلیل على علم الله سبحانه وتعالى .
«تکن» من مادة «کن» على وزن «جن» . بمعنى الستارة وکل مایمکنه أن یحجب الأشیاء ، وقد وردت الصدور هنا کغطاء ساتر على الأسرار الباطنیة ، وکما أشرنا سابقاً فإنّ کلمتی الصدر والقلب قد وردتا فی الکثیر من التعبیرات القرآنیة بمعنى الروح والعقل .
وکلمة «غائبة» إذا کانت ذات معنى وصفیّ فهی کنایة عن الاُمور المحجوبة والخفیة جدّ . (لأنّ التاء المربوطة تأتی فی مثل هذه الحالات للمبالغة کما فی (علامة)(1).
وقد وردت کلمة «مبین» بمعنى واضح ، وبمعنى موضَّح (لازم ومتعدی) ، والمعنى الثانی هنا أقرب ، أی أنّ اللوح المحفوظ أو لوح علم الله مبین وکاشف للحقائق (2) .