وبالتالی فقد طرحت الآیة العاشرة والأخیرة من بحثنا نفس هذا المعنى بشکل آخر ، وبدون أن تذکر مصطلح القدرة أو تنفی العجز عن الله تعالى ، قال سبحانه: (قُلْ اِنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللهِ یُؤْتیْهِ مَنْ یَشـَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِیمٌ). ( آل عمران/73 )
مع أنّ أکثر المفسّرین قالوا: إنّ کلمة ( واسع ) هنا تُشیر إلى سعة الرحمة الإلهیّة، أو سعة قدرته ، أو کرمه ووجوده سبحانه ، ولکن من المسلَّم أن تفسیراً کهذا یحتاج إلى تقدیر شیءمحذوف ، فی حین أنّ الحذف والتقدیر على خلاف القاعدة ولا یصح بدون قرینة .
فظاهر الآیة یوحی أنّها تتحدث عن سعة وجود الباری تعالى ، وطبعاً أنّ سعة وجوده تضمُّ کافّة هذه المعانی والمفاهیم ، من قدرته المطلقه ورحمته الواسعة وکرمه اللامحدود .
لذا قال الفخر الرازی فی تفسیره : لأنّ کونه واسعاً یدل على کمال القدرة ، وکونه علیماً على کمال العلم ، فیصح منه لمکان القدرة أن یتفضل على أی عبد شاء بأی تفضل شاء ، ویصح منه لمکان کمال العلم أن لا یکون شیء من أفعاله إلاّ على وجه الحکمة والصواب(1) .