2 ـ الإستنتاج النهائی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
1 ـ ما المقصود من کلام الله؟3 ـ (التکلُّم) فی الروایات الإسلامیة

على أیّة حال فهنا توجَدُ مطالب عدیدة ، جمیعها واضحة ، ونعتقد بأن لا محلّ للمناقشة فیها.

1 ـ إنّ الله قادرٌ على إحداث أمواج صوتیة فی الفضاء ، وإیصالها إلى مسامع أنبیائه ورسله لإبلاغهم بهذه الطریقة ، کما ذکر القرآن حول تکلیم الله موسى بن عمران (علیه السلام) فی الوادی (الأیمن) ; حیث أوجد الله فی تلک الشجرة المبارکة الخاصّة أصواتاً دعا موسى بواسطتها إلیه .

2 ـ (التکلَّم) بمعنى التحدُّث باللسان وعن طریق الأوتار الصوتیّة ، من عوارض الأجسام، ولا معنى له بخصوص الله المنزّه عن الجسمانیّة ، سوى ماذکرناه من إیجاد أمواج صوتیة فی الأجسام .

3 ـ القرآن الکریم الذی فی متناول أیدینا هو عین هذه الألفاظ والحروف التی قد تظهر فی قالب الکلام أحیاناً ، وفی قالب الکتابة أحیاناً اُخرى ، ولا ریب فی أنّ کلیهما من الحوادث ، وما قاله البعض من کون هذه الألفاظ والحروف قدیمة أو وجوب الاعتقاد حتى بقدم جلد القرآن وأزلیته ، خرافات لاتستحق أن نبحثها .

ویبدو أنّ الذین اعتقدوا بِقِدَم کلام الله ، کان منشأ اعتقادهم هو ذکر القرآن الکریم (التکلُّم) کإحدى صفات الله ، ومن هنا سمی القرآن بکلام الله ، هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى هو کون وجود الله أزلیاً ، إذن فصفاته یجب أن تکون أزلیة أیضاً ، ومنه استنتجوا بأنّ کلام الله أزلیٌّ أیضاً .

إنَّ هؤلاء وبسبب ضعف إدراکهم وقلّة معلوماتهم لم یستطیعوا التمییز بین (صفات الذات) و(صفات الفعل) ، فصفات ذاته أزلیّة (کالعلم والقدرة) ، أمّا الصفات التی ینتزعها عقلنا بسبب صدور أفعال معینة من قِبَلِهِ جلّ وعلا ، فهی أمور حادثة ، لأنّ هذه الصفات غیر قائمة بالذات الإلهیّة ، بل هی مفاهیم عقلیّة منتزعة تحصل من ملاحظة أفعاله.

وبتعبیر آخر لا شک من وجود أفعال إلهیّة حادثة کخلق السموات والأرض ، وخلق آدم ، ومسألة الرزق ، وغفران ذنوب العباد ، وإرسال الأنبیاء والرسُل ، وعندما یُشاهد العقل صدور هذه الأفعال من جهته ینتزع منها صفات لله سبحانه (کالخالقیّة والرازقیة والغفاریة)، ومن المسلَّم به أنّ هذه الصفات لم تکن تصدق على الله قبل أن یخلق موجوداً أو یعطیه رزقاً أو یشمله بمغفرته ، (طبعاً کان قادراً على هذه الأمور ، لکن الحدیث لا یدور حول القدرة بل حول صدور عین هذه الأفعال).

وبناءً على هذا فإنّ هذه الصفات التی تُدعى (صفات الفعل) تختلف عن (صفات الذات) القائمة بالذات الإلهیّة المقدّسة ، بل هی عین ذاته ، وعدم فهم هذه الحقیقة من قبل المعتقدین بقِدَم کلام الله وأزلیته جرّهم إلى معتقدات مُضحکة کقدم جلد القرآن .

4 ـ اضطرّ جماعة من الأشاعرة ، ممن کانوا یُدرکون هذه المسائل ، إلى طرح مسألة (الکلام النفسی) ، الکلام الذی یُمکن أن یکون قدیماً وقائماً بذات الله ، وقد تمسّک هؤلاء لإثبات هذا المطلب بالآیة القرآنیة التالیة التی تتحدّث عن جماعة من المنافقین: (وَیَقُولُونَ فِى أَنفُسِهِم لَولاَ یُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ). (المجادلة / 8)

أو بالشعر المعروف عن (الأخطل) أحد شعراء العصر الأموی :

إنّ الکلام لَفی الفؤاد وإنّما *** جُعِلَ اللسان على الفؤاد دلیلاً

وأرادوا بهذا التخلُّص من التّضادّ الموجود بین حدوث کلام الله وقِدَم صفاته .

ولکنهم تورّطوا بهذا فی مشکلة أکبر ، وهی أنْ لو کان المقصود من الکلام النفسی هو (تصویر الألفاظ والجمل وإمرارها من الذهن والفکر) ، فإنّ هذه الأمور لا معنى لها بخصوص الله تعالى ، لأنّ ذاته المقدّسة لیست محلاًّ لمثل هذه العوارض الجسمانیّة .

وإن کان المقصود منه علم الله الأزلی بمحتوى القرآن الکریم ، فلا ریب فی أنّه تعالى قد أحاط علماً بجمیع هذه الأمور منذ الأزل ، ولکن فی هذه الحالة یعود الکلام النفسی إلى علم الله ولن یکون صفة مُستقلّة .

والخلاصة هی أنّ محتوى الکتب السماویّة کانت فی علم الله دائماً (منذ الأزل) ، وهذا الشیء لا یخرج عن صفة (العلم) وأمّا عین الألفاظ والحروف فلا ریب من کونها حادثة ، ولا یوجد هنا شیء ثالث تحت عنوان (الکلام النفسی) لیکون قدیماً ومغایراً لصفة (علم الله).

إنَّ هذه الأمور واضحة کلها ، لکنّه ومع الأسف الشدید فقد سوّدت النزاعات حول کون کلام الله قدیماً أم حادثاً ، صفحات کثیرة من تاریخ الإسلام ، وسببت حوادث دامیة .

فأحیاناً مالت الحکومات إلى جماعة المعتزلة (کبعض خلفاء بنی العباس) ، فأجبرت الجمیع على الاعتقاد بحدوث کلام الله ، وضربوا أعناق البعض بسبب عدم اعترافهم بذلک .

وفی المقابل ، کان الکثیر من حکّام بنی العبّاس یمیلون إلى الأشاعرة ، ویضربون أعناق القائلین بحدوث کلام الله ، فی حین أننا الیوم نعلم بأنّ کل هذه الأمور کانت ألاعیب سیاسیّة ظهرت بشکل مسائل عقائدیة ، وکان الحکّام الجبابرة آنذاک یلعبون بمعتقدات المسلمین من أجل بلوغ مقاصدهم المشؤومة ومواصلة تسلُّطهم على رقاب الناس .

 

1 ـ ما المقصود من کلام الله؟3 ـ (التکلُّم) فی الروایات الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma