مر علینا قسم من الصفات السلبیة فی مباحث التوحید ضمن بیان وحدانیة الذات الإلهیّة وبساطة وجوده تعالى ، ونفی الجزئیة والتشبیه عنه .
إنّ الموضوع الأکثر أهمیّة فی هذا البحث والذی صار معرضاً للنقاش والجدل على مرِّ تاریخ علم الکلام ، هو المسائل التی سنطرحها فی هذا الفصل .
ومنه : إنّ الله عزّ وجلّ لیس له جسم ولا یمکن رؤیته ، ولا یسعه محل ومکان ، وهذه الصفات السلبیّة الثلاثة متلازمة ، أی لو کان مرئیاً لاستلزم أن یکون له جسمٌ ومکانٌ ، وإن لم یکن له مکان لم یکن جسماً حتم ، ولم یکن مرئیاً بطریق أولى .
وإدراک هذاالمفهوم وهو أن الله تعالى لا یُمکن أن یکون من سنخ الأجسام ـ بإلالتفات إلى دلائل معرفة الله تعالىـ لا یُعدُّ مسألةً معقّدة ، ولکن ، وبسبب بحث ذوی الأفکار الضیقة ، واُولئک الذین لم تخرج عقولهم عن إطار الحس فیبحثون غالباً عن إله جسمانیّ ، کان لعقیدة جسمانیة الله مؤیدون فی الأقوام الماضیة ، وحتى من قبل جماعة من المسلمین «القشریین المتحجرّین» .
لذا فقد أکّد القرآن الکریم على مسألة نفی الجسمیّة والمکان والجهة عن الله سبحانه وتعالى .
بهذا التمهید . ننطلق إلى القرآن الکریم لنتأمل خاشعین فی الآیات القرآنیة التالیة :
1 ( لاَّتُدْرِکُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِیفُ الخَبِیرُ ). ( الأنعام / 103 )
2 ( وَلَمَّا جَآءَ مُوْسَى لِمِیقَاتِنَا وَکَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِى أَنْظُرْ اِلَیْکَ قَالَ لَنْ تَرَانِى وَلَکِنِ انْظُرْ إِلى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَکَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِى فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبلِ جَعَلَهُ دَکّاً وَخَرَّ مُوْسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قالَ سُبْحَانَکَ تُبْتُ إِلَیْکَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤمِنِینَ).( الأعراف / 143 )
3 (یَسْأَلُکَ أَهْلُ الْکِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَیْهِمْ کِتَابَاً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوْسَى أَکْبَرَ مِنْ ذَلِکَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنَ بَعْدِ مَاجَاءَتْهُمُ البَیِّناتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِکَ وآتَیْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِیناً ). (النساء / 153 )
4 ـ ( وَقَالَ الَّذیِنَ لاَیَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَیْنَا الْمَلاَئِکَةُ أَو نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسَتْکبَرُوا فِى أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً کَبِیراً). (الفرقان / 21)
