کلمة (نصیر) و(ناصر) من مادّة (نصر) على وزن (عصر) وهی بالأصل تعنی عمل الخیر وإعطائه ـ کما قال صاحب مقاییس اللغة ـ ، أمّا الراغب الاصفهانی فقد قال : إنّها تعنی المعونة ، وقال صاحب کتاب لسان العرب بأنّها تعنی معونة المظلوم ، وجمیع هذه التفاسیر تعود إلى معنىً واحد تقریباً .
وأحیاناً یُطلق على المطر (نصر) ، وعلى الأرض التی تعرّضت للأمطار (منصورة)، وعلى مسیر ومجاری المیاه (نواصر) ، وکلّ ذلک بسبب الإمدادات التی توصلها الأمطار للموجودات الحیّة .
وهذه الکلمة عندما تستعمل کصفة من الصفات الإلهیّة فإنّها ترمز إلى الامداد الإلهی اللامتناهی الذی یمدّ به سبحانه عباده .
فالنطفة تنتهل من منهل الامداد الإلهی منذ اللحظة الأولى لدخولها الرحم ، وتُحاط من کل جانب بالنصر الإلهی عن طریق القوانین التکوینیة ، وتقضی بعنایته سبحانه مراحل التکامل بسرعة ، حتى تنتهی من مرحلة الجنین ویأتی الإذن الإلهی فی الولادة .
ولا تَزال ید العنایة الإلهیّة محیطةً به وترعاه کرعایة الأم التی توفّر له الحلیب ذلک الغذاء الکامل الشامل لأنواع مواهب الحیاة ، فکل هذه الأمور أشعةٌ وأنوارٌ من ألوان النصرة الإلهیّة فی هذه اللحظات الحسّاسة .
وعندما یبلغ هذا الإنسان ویخضع للقوانین الإلهیّة التشریعیّة یضع یده فی ید الأنبیاء ویُظلّه اللّهُ بظلّ الوحی والکتب السماویة .
وهو ـ أی الإنسان ـ مُهدَّدٌ طیلة حیاته بالموانع والآفات من جهة ، والشیاطین والأهواء النفسانیة من جهة اُخرى، فلولا نصرة (خیر الناصرین) لما نجا أحدٌ من هذه المخاطر العظیمة.
والتفکّر بهذه الحقیقة یُلْهم الإنسان الأمل من جهة ، ویکشف عن سماء روحه سُحب الیأس والقنوط المظلمة فی مواجهة المشاکل طیلة حیاته ، ویثبت أقدامه ویقوی عزمه وإرادته ویجعل قراراته حدّیة قویة لطیِّ طریق التربیة والتکامل .
ومن جهة اُخرى فإنّ (التخلق بأخلاق الله) یعلّمه هذه الحقیقة ، وهی أن یکون للمظلومین عون ، وللمحرومین ناصراً ونصیراً .