3 ـ الإجابة عن سؤال

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
2 ـ أزلیة الله تعالى وأبدیته فی الروایات الإسلامیّةتمهید

یرد هذا السؤال عادةً فی مباحث معرفة الله تعالى ومن قِبَل الأفراد قلیلی الخبرة وهو : أنتم تقولون : إنّ لکل شیء خالقاً ومبدع ، إذن فمن خلق الله عز وجل ؟

والعجیب هو أنّ بعض فلاسفة الغرب طرحوا هذه الأسئلة أیض ، وهی علامة على مقدار تصورهم السطحی فی المباحث الفلسفیّة وتفکیرهم البدائی .

یقول الفیلسوف الإنجلیزی الشهیر ( برتراندراسل ) فی کتابه ( لِمَ لا أکون مسیحیّاً؟ ) : « کنت اعتقد بالله فی شبابی ، وکنت أعتقد ببرهان علّة العلل کأفضل دلیل علیه ، وهو أنّ کل ما نراه فی الوجود ذو علّة معینة ، ولو تتبّعنا سلسلة العلل لانتهت بالعلّة الأولى ، وهی مانُسمیّه بالله .

لکننی تراجعت عن هذه العقیدة بالمرّة فیما بعد ، لأننی فکرت بأنّه لو کان لکلّ شیء علّة وخالق ، لوجب أن یکون لله علة وخالق أیض »(1).

لکننا لا نعتقد بأنّ أحداً له أدنى اطلاع على المسائل الفلسفیة الخاصّة بمباحث معرفة الله تعالى ، وما وراء الطبیعة ، یحار فی الإجابة عن هذا السؤال، فالمسألة واضحة جدّ ، فعندما نقول : إنّ لکل شیء خالقاً وموجد ، نقصد ( کُلّ شیء حادث وممکن الوجود ) ، لذا فهذه القاعدة الکلیّة صادقة فقط بخصوص الأشیاء التی لم تکُن من قبل وحدثت فیما بعد ، لا بخصوص واجب الوجود الذی کان موجوداً منذ الأزل وسیبقى إلى الأبد ، فوجود أزلیٌّ لا یحتاج إلى خالق ، لکی نسأل عن خالقه !؟ فهو قائم بذاته ولم یکن معدوماً من قبلُ أبد ، لکی یحتاج إلى علّة وجودیّة .

وبتعبیر آخر : إنّ وجوده من ذاته لا مِن خارج ذاته ، وهو لم یکُن مخلوق ، هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى کان من الأفضل لـ ( برتراندراسل ) ومؤیّدیه أن یسألوا أنفسهم هذا السؤال: لو کان لله خالقٌ فسیرد نفس هذا الإشکال مع الخالق المفترض ، وهو : من خلق ذلک الخالق!؟ ولو تکررت هذه المسألة وافترضنا أنّ لکلّ خالق خالقاً لأدى ذلک إلى التسلسل ، وبطلانه من الواضحات ، ولو توصَّلنا إلى وجود یکون وجوده من ذاته ولا یحتاج إلى موجد وخالق آخر ( أی واجب الوجود ) ، فذلک هو الله رب العالمین .

ویُمکن توضیح هذه المسألة ببیان آخر وهو : إننا لو لم نکن من المؤمنین على سبیل الفرض وکُنّا نؤیّد عقیدة المادییّن ، لواجهنا نفس هذا السؤال ، فبتصدیقنا قانون العلیّة فی الطبیعة ، وأنّ کلّ شیء فی العالم معلول لآخر ، سیرد هذا السؤال الذی واجهه المؤمنون بالله تعالى وهو : لو کانت جمیع الأشیاء معلولة للمادّة فما هی العلّة التی أوجدت المادة إذن؟

وسیضطّرون أیضاً للقول : إنّ المادة أزلیّة ، وکانت موجودة منذ الأزل ، وستبقى إلى الأبد ، ولا تحتاج إلى علّة وجودیّة ، وبتعبیر آخر هی ( واجب الوجود ) .

وعلى هذا الأساس نُلاحظ أنّ جمیع فلاسفة العالم سواء الإلهیین منهم أو المادییّن یؤمنون بوجود أزلیٍّ واحد ، وجود لا یحتاج إلى خالق ومُوجد ، بل کان موجوداً منذ الأزل .

والتفاوت الوحید هو أنّ المادیین یعتقدون بأنّ العلّة الاُولى فاقدة للعلم والمعرفة والعقل والشعور ، ویعتقدون بأنّها جسم ولها زمان ومکان . لکن المؤمنین یعتقدون بأنّ العلّة الاُولى ذات علم وإرادة وهدف ، وهو الله تعالى وینزّهونه عن الجسمیّة والزمان والمکان ، بل یعتقدون بأنّه فوق الزمان والمکان .

وجمیع الأدلة التی أوردناها سابقاً فی بحوث معرفهّ الله تعالى تؤید هذه الحقیقة ، وهی أنّ المبُدیء الأول لهذا العالَم ذو علم واطلاع غیر محدود .

وعلیه فقد أخطأ ( راسل ) فی تصوره بأنّه یستطیع التهُّرب من مخالب هذا السؤال بترک زمرة المؤمنین والإلتحاق بالمادّیین ، لأنّ هذا السؤال ملازم له دائم ، حیث إنّ المادیین یعتقدون أیضاً بقانون العلیّة ویقولون : إنّ لکل حادثة علّة معینة .

إذن ، فالطریق الوحید فی حلِّ هذه المشکلة هو إدراک الفرق جیداً بین ( الحادث ) و( الأزلی ) ، وبین ( ممکن الوجود ) و( واجب الوجود ) ، لکی نعلم أنّ الذی یحتاج إلى خالق هو الموجودات الحادثة والممکنة ، أی أنّ کل مخلوق یحتاج إلى خالق ، وما لیس بمخلوق فلا یحتاج إلى خالق .


1. برتراند راسل ، فی کتابه ( لِمَ لَم أکُن مسیحیّ ) .

 

2 ـ أزلیة الله تعالى وأبدیته فی الروایات الإسلامیّةتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma