فی الآیة الرابعة نلاحظ وجود تعبیر قرآنی جدید وهو اقتران صفة «الحکیم» بصفة «التوّاب» ، قال تعالى : (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَیْکُمْ وَرَحْمَتُهُ وَاَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَکِیمٌ) .
وردت هذه الآیة بعد مجموعة من الآیات المتعلقّة بمسألة اللّعان (وهو إذا اتهم رجل زوجته بالزنا ـ والخروج عن جادة العفاف ولم یکن لدیه أربعة شهود على ادعائه : وجب أن یجلد ثمانین جلدة وفق قانون القذف ، لکن القرآن أسقط عن الزوج هذا الحکم شریطة أن یحلف بالله خمساً کما ورد تفصیله فی آیات سورة النور، لکن زوجته ستکون محل تهمة فی هذه الحالة ، وتدرء الاتهام عنها فی حال أدائها الیمین الخماسی أیض ، وفی هذه الحالة فسوف تحرم الزوجة على زوجها إلى الأبد .
بالالتفات إلى هذه المسألة یتضح أنّ علاقة صفتی «التواب» و«الحکیم» مع محتوى الآیة وثیقة جدّ ، حیث وضع سبحانه وتعالى أمام الطرفین طریقاً للتوبة والرجوع ، لکی یتمکن الذی افترى على صاحبه من العودة إلى مواصلة الحیاة الزوجیة وبتحمل عقوبة القذف ، هذا من ناحیة ، ومن ناحیة اُخرى ونظراً لکون الزوجین أکثر اطلاعاً على بعضهما، ولِتعسُّر إقامة الدلیل على مثل هذه المسائل الخاصة غالب ، فإنّ الله تعالى قد صان حقوق الزوجین وحق أولادهم ، وصان الزواج من أی لون من التلوث بالاستفادة من سنة أحکام اللِّعان الحکیمة هذه) .