القرآن والإبتلاءات العصیبة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
5ـ الإبتلاء عن طریق المشاکل6ـ معرفة النعم فی المصائب

نعود الآن إلى القرآن الکریم مرّةً اُخرى لنرى ما لهذه المسألة من أصداء فی الآیات القرآنیة:

1 ـ (وَنَبلُوکُم بِالشَّرِ وَالخَیرِ فِتنَةً وَإِلَینَا تُرجَعُونَ). (الأنبیاء/ 35)

إنَّ کلمتی (الشر) و(الخیر) هنا ذواتا معنىً واسع یشمل أنواع المصائب والأمراض والمشاکل والإبتلاء والفقر والفاقة، وکذا أنواع الإنتصارات والصحّة والعافیة والغنى وما شاکل ذلک.

ویجدر الإلتفات إلى تقدُّم ذکر (الشر) على (الخیر) فی الموارد الامتحانیة التی یواجهها الإنسان، لأنّ الإمتحان بالبلاء أصعب وأعقدُ (ینبغی الانتباه إلى أنّ هذه الشرور ذات صیغة نسبیّة).

وجملة (وإلینا تُرجعون) المذکورة فی ذیل الآیة تُعد إشارة لطیفة إلى حقیقة کون الدنیا دار ابتلاء واختبار لا دار مقر وخلود.

وعلى أیّة حال تُعد الآیة دلیلا واضحاً على کون قسم من المصائب والآلام ذات صبغة ابتلاء وامتحان لتمحّص صبر الإنسان، کما هو الحال فی کون قسم من النّعمِ امتحانیة أیضاً لمعرفة مقدار شُکره إزاء النعم الإلهیّة.

2 ـ (وَلَنَبلُوَنَّکُم بِشَىء مِّنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقص مِّنَ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالَّثمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِینَ). (البقرة / 155)

ذکرت هذه الآیة خمسة أنواع من مصائب ومشاکل الحیاة کخمس موادٍّ من مواد الامتحان الإلهی، ففی المقدّمة یأتی (الخوف)، والذی هو أهم من الجمیع، ثم (الجوع): ثم (نقص من الأموال) ثم (الأنفس) ثم (الثمرات).

ویجدر التذکیر إلى کون ذیل الآیة یدل على أنّ هذا الإبتلاء یرفع من مستوى قوّة مقاومة تحمُّل الإنسان، ویزیده صلابةً وهو یمرّ بهذه الحالات العصیبة (یجدر الإنتباه إلى أنّ تعبیر (نقص الثمرات) قد فُسّرَ بمعنى فقد الأولاد الذین هم ثمرات قلب الإنسان، ویُمکن أن یکون ذا تفسیر واسع یشمل کلا المعنییْن، وکذلک فُسّرَ (نقص الأنفس) بمعنى المرض أیضاً).

وفی الحقیقة إنّ من أهم مواهب الحیاة هی: الأمْن والأنفس والأموال ومنابع الإنتاج، والله سبحانه وتعالى یمتحن الإنسان بواسطة الآفات التی تُصیب هذه الأمور لیتضح مقدار صبره وتحمّله.

والتعبیر بکلمة (شیء) یُعدُّ شاهداً حیّاً على هذا المعنى وهو عدم کون جمیع حالات الخوف والجوع ونقص الأنفس ذات صیغة إمتحانیة إلهیّة، بل إنّ قسماً منها فقط من هذا النوع، ومن المسلّم به أنّ الابتلاء لا یشمل أبداً المصائب الذاتیة والناشئة من الجهل والتقاعُس والتهاون، وهذه الآیة یجب أن لا یتخذها البعض حُجّةً لترک الجهاد والسعی، والتوجُّه إلى الکسل والخمول.

3 ـ (وَأَمَّا إِذَا مَا ابتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَیهِ رِزقَهُ فَیَقُولُ رَبِّى أَهَانَنِ). (الفجر/ 16)

من المُسلَّم به أنّ هذه الآیة تخص الذین یُبدون ضعفاً وخمولا فی ساحة الإمتحان وبمستوىً من ضیق التحمَّل، بحیث إذا نزلت علیهم نعمةٌ أصابهم الغرور، وبمجرّد أن تصیبهم مصیبة معینة یأخذهم الیأس والقنوط، ولکن على أیّة حال، تعتبر هذه الآیة دلیلا واضحاً على کون قسم من مشاکل الحیاة ذات فلسفة إمتحانیة.

4 ـ (هُنَالِکَ ابتُلِىَ المُؤمِنُونَ وَزُلزِلُوا زِلزَالا شَدِیداً). (الأحزاب / 11)

تشیر هذه الآیة إلى واقعة الأحزاب التی کانت واحدةً من أعظم میادین الإمتحان الإلهی لمسلمی صدر الإسلام، ففی ذلک الیوم الذی هجم جیش الأحزاب الجرّار على المدینة من الأعلى والأسفل، وحاصر جمع المسلمین القلیلین عدداً، وزاد الطین بلّة إشاعات منافقی الداخل، فتعقدّت الأمور من کل ناحیة، إلى الحد الذی قال القرآن فی وصفه: (وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ). (الأحزاب / 10)

یقول القرآن: إنّ هذه المصیبة والعاصفة الشدیدة التی زلزلت جماعة من المؤمنین کانت مظهراً من الإمتحان الإلهی...، وهذه الآیة تأکید آخر على ما ذکرناه.

یُلاحظ فی الروایات الإسلامیة أیضاً وجود إشارات واضحة إلى هذه الحقیقة، وهی کون قسم من المصائب والبلایا ذات صیغة إمتحانیة:

1 ـ ورد فی الحدیث الذی نقلناه سابقاً بمناسبة اُخرى عن على(علیه السلام): «إنّ البلاء للظالم أدب، وللمؤمن امتحان»(1).

2ـ قال الإمام علی(علیه السلام) فی إحدى خُطبه فی وصف الأنبیاء: «قد اختبرهم الله بالمخمصة وابتلاهم بالمجهَدَة وامتحنهم بالمخاوف، ومحضهم بالمکاره»(2).

3ـ وذکر(علیه السلام) من قبیل هذا الکلام بالنسبة لعامة الناس بتعابیر اُخرى فی نفس الخطبة: «ولکن الله یختبر عباده بأنواع الشدائد ویتعبّدهم بأنواع المجاهد ویبتلیهم بضروب المکاره»(3).


1. بحارالأنوار، ج 64، ص 235، ح 54.
2. نهج البلاغة، الخطبة 192 (القاصعة).
3. المصدر السابق.

 

5ـ الإبتلاء عن طریق المشاکل6ـ معرفة النعم فی المصائب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma