شرح المفردات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
تمهیدإنّ الله لا یظلم أحداً

إِنَّ کلمة (ظلم) ـ کما ورد فی مقاییس اللغة ـ فی الأصل ذات معنیین مُتفاوتَین: أحدهما (الظُلمة)، والآخر: (وضع الشیء فی غیر محلّه)، وفی مقابله (العدل) وهو وضع الشیء فی محلّه المناسب.

و یُحتَملُ أن یعود کلا المعنیین إلى أصل واحد لأنّ الظلم (ضد العدالة) سبب الظُّلمة أینما کان، ولعل هذا هو السبب الذی دفع بالراغب فی مفرداته، إلى اعتبار (الظُّلمة) أصل هذه الکلمة.

وقد وردت فی لسان العرب أنّ أصل الظُّلم هو: «الجور والتجاوُز عن الحد)، وأضاف فی تعبیر آخر: الظلم معناه: (الانحراف عن الحد المتوسط).

طبعاً: إنّ هذه المعانی الثلاثة للظلم أی (وضع الشیء فی غیر محله) و(التجاوز عن الحد) و(الانحراف عن الحد المتوسّط)، تعود إلى أصل واحد).

وقد قسّم بعض العلماء الظلمَ إلى ثلاثة أقسام: ظلم الإنسان ربَّهُ، وأظهر مصادیقه الکفر والشرک والنفاق، وظلم الإنسان الآخرین، وظُلمه نفسَهُ، وذکروا لکلٍّ منها شواهد قرآنیة، ولکن من زاویة معینة نرى أنّ الأقسام الثلاثة تعود إلى أصل ظُلم النفس، لأنّ الإنسان منذ اللحظة الأولى من تصمیمه على الظلم یوجّه الضربة الأولى إلى نفسه، کما قال تعالى: (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَکِن کَانُوا اَنفُسَهُم یَظلِمُونَ). (الأعراف/ 160)

وضّد الظلم (العدل)، وقد ذکروا له معنیَین متضادّین هما:

الأول: هو معناه المعروف أی وضع الشیء فی محلّه المناسب، ولهذا المفهوم الواسع مصادیق کثیرة من جملتها العدالد بمعنى الإعتدال، العدالة بمعنى رعایة المساواة ونفی کل ألوان (التمییز)، العدالة بمعنى رعایة حقوق الآخرین، والعدالة بمعنى رعایة الحقوق والإستحقاقات، وأخیراً العدالة بمعنى التزکیة والتطهیر.

وإن استعملها القرآن الکریم أحیاناً بمعنى الشرک فسببه أن المشرک یتخذ لله ندّاً وعدیلا، قال تعالى فی الآیة الأولى من سورة الأنعام: (ثُمَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِرَبِهِم یَعْدِلُونَ).

الثانی: کما ورد فی المقاییس: هو الإعوجاج والانحراف.

وقال بعض أرباب اللغة: إنّه یعنی الظلم (أی) أنّ العدل من الألفاظ التی لها معنیان متضادّان، لذا یُطلق على الانحراف عن شیء (عدول).

وکلمة (قسط) فی الأصل تعنی الحصّة والنصیب العادل، ولذلک فإنّها قد تأتی أحیاناً بمعنى (العدالة)، وهو عندما یُعطى نصیب کل واحد بالعدل، وأحیاناً اُخرى تأتی بمعنى (الظلم)، وهو عندما یُسلب منه نصیبه العادل.

ویُستعمل الأول عادةً بصیغة (اِفعال)، لذا فقد سُمی الله باسم (المُقسِط)، والثانی بلفظة (قِسط) (من الثلاثی المجرّد) لذا فالقاسط یعنی (الظالِم)، قال تعالى: (وَ أَمَّا الْقَاسِطُونَ فَکَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً...).(1) (الجن / 15)

وکذلک قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ یُحِبُّ المُقسِطِینَ...). (المائدة / 42)

ویجدر ذکر هذه المسألة أیضاً وهی أنّ کلمتی (القسط) و(العدل) کلمتان قد تُستعملان أحیاناً بصورة منفصلة وبمفهومَین متقابلین مع بعضهما تقریباً، ولکن تستعملان أحیاناً اُخرى فی موضع واحد، کالحدیث الشهیر المنقول عن مصادر الشیعة وأهل السُّنة.

عن الرسول(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «لو لم یبق من الدنیا إلاّ یوم واحد لطوّل الله ذلک الیوم حتى یخرح رجل من وُلدی فیملأها عَدلا وقسِطاً کما مُلِئَت جَوراً وظُلما»(2).

فقد ذُکرَ (العدل) و(القسط) إلى جوار بعضهما فی هذه الروایة، کما هو حال کلمتی (الجور) و(الظلم).

وحول ماهیة التفاوت الموجود بین هذین التعبیرین؟

یُمکن القول: إنّ (القسط) ـ کما ذکرنا هذا فی تفسیر مفهومه اللغوی ـ معناه التقسیم العادل وضدّه (التمییز)، وعلیه فإنّ القسط معناه اعطاء کل ذی حقٍّ حقه لا غیر.

لکن العدالة ضدّ الجور والتجاوز على حقوق الآخرین، کأن یغصب أحد حقَّ الغَیر ویستولی علیه، ونحن نعلم بأنّ العدالة الکاملة فی المجتمع البشری تتحقق عندما لا یکون هنالک تجاوز من قبل أحد على حقوق الآخرین، ولا یُعطى حق أحد لغیره.

ویُستنتج (تباینٌ) آخر أیضاً من التعبیر الوارد فی بعض الأحادیث وهو کون العدالة تخص الحکم والقضاء والقسط یخصّ تقسیم الحقوق، وقد ورد فی لسان العرب نقلا عن بعض الأحادیث «إذا حکموا عدلوا وإذا قسّموا أقسطوا»(3).

ویُحتمل أیضاً أن یکون العدل ذا مفهوم أوسع وأعمق من القسط، لأنّ القسط یُستعمل بخصوص التقسیم، والعدل یُستعمل فیه وفی موارد اُخرى.


1. لسان العرب، مفردات الراغب; مقاییس اللغة; ومجمع البحرین.
2. منتخب الأثر، ص 247; وقد نُقل فی هذا الکتاب 123 حدیثاً بهذا المضمون (مع تفاوت قلیل)، وقد ورد هذا المضمون أیضاً فی کتاب نور الأبصار للکاتب محمد الشبلنجی، من خلال روایات متعددة، ص 187 ـ 189.
3. لسان العرب، ج 7، مادة (قسط).

 

تمهیدإنّ الله لا یظلم أحداً
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma