جمع الآیات وتفسیرها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
44 ـ الحسیب 45ـ سریع الحساب 46ـ أسرع الحاسبین 47ـ سریع العقاب 48 شدیدُ العقاب49 ـ نصیر 50 ـ نعم النصیر 51 ـ خیر الناصرین

کلمة ( حسیب ) مشتقّة من مادّة ( حساب ) ، وقد ذُکر فی مقاییس اللغة عدّة معان لها هی : العدّ ، الکفایة ، و ( حسبان ) تعنی نوع من الوسائد الصغیرة ، و ( أحسَبْ ) تعنی مرض جلدی ، لکنّ کتاب التحقیق أرجع جمیع هذه المعانی إلى معنىً واحد وهو البحث للإطلاع على حال شیء معیّن والتحقیق عنه ، ولکون العدّ وسیلة لتحقُّق هذا المعنى کما أنّ الکفایة من لوازمه ونتائجه ، فإنّها استُعملتْ فی هذا المجال أیض .

فکلمة ( حسب ) على وزن نسبْ ، تعنی کون الآباء والأجداد ذوی شخصیّات ومقامات یُمکن ذکره ! وکذ ( احتساب المصیبة ) فإنّها تعنی احتساب المصیبة على الله وطلب ثوابه .

« حُسبان »: على وزن (غفران ) وتعنی الصاعقة والعذاب ، لأنّها العقوبة التی یلقاها بعض الأقوام بعد حساب أعمالهم .

وعلى أیّة حال ، عندما تُستعمل کلمة ( حسیب ) بخصوص الباری سبحانه ـ کما قال المرحوم الصدوق (رحمه الله) ـ فإنّها تعطی أحد المعانی الثلاثة التالیة : الذی أحصى کُل شیء فی الوجود وهو علیم وخبیر به ، والذی یتولّى محاسبة العباد فی القیامة ومجازاتهم ، والذی یکفی أمور العباد (1) .

ولکن یُفهم من الآیات القرآنیة أنّ هذه الکلمة تعنی « تولّی الحساب » لأنّها جاءت بهذا المعنى على الأقل فی ثلاثة مواضع من المواضع الأربعة المذکورة فی القرآن الکریم .

ومن هنا یتضح أنّ کلمة ( حسیب ) متقاربة مع صفتی ( سریع العقاب ) ، و ( أسرع الحاسبین ) .

وللمفسرین آراء مختلفة حول سبب اتصاف الباری بصفة ( أسرع الحاسبین ) .

یقول القرطبی فی تفسیره : ( لأنّه لا تحتاج محاسبته إلى أی نوع من التفکُّر ) (2) .

ویقول الألوسی فی روح المعانی : لأنّه سبحانه یحاسب جمیع الخلق بأسرع وقت دون أن تشغله محاسبة فرد عن محاسبة غیره (3) .

وقد أورد المرحوم الطبرسی نفس هذا المعنى فی مجمع البیان (4) .

وقد وردت تعابیر ظریفة حول هذا الموضوع فی الأحادیث الإسلامیة أیض ، فقد نُقِلَ عن أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) أنّه قال : «معناه انه یحاسب الخلق دفعة کما یرزقهم دفعة» (5) .

وفی حدیث آخر : « إنّه تعالى یُحاسب الخلائق کلّهم فی مقدار لمح البصر » (6) .

وورد فی حدیث آخر : « إنّه سُبحانه یُحاسب جمیع عباده على مقدار حلب شاة » (7) .

وقد اورد المفسرون الآخرون أیضاً نفس هذه التعابیر تقریباً ولکن الحق أنّ أی واحد منها لا یمکنه تبیان عمق الکلمات المذکورة ، والحقیقة یجب القول : إنَّ الله لا یحتاج إلى حساب لأنّ جمیع أعمال العباد ماثلة بین یدیه فی آن واحد .

والظریف هو ما توصّلت إلیه العقول الألکترونیة المصنوعة التی تستطیع القیام بمئات الملایین أو الملیاردات من الحسابات الریاضیّة فی ثانیة واحدة أو عدّة ثوان ، ممّا یدل على عمق ما توصلت إلیه سرعة الحساب فی عصرنا الحالی !

ففی الوقت الذی یستطیع البشر ـ بکل ضعفه ونقائصه ـ التوصُّل إلى هذه السرعة الحسابیة ، فلا توجد حاجة إذن إلى توضیح ( إثبات ) سرعة حساب القادر العلی الذی قدرته غیر محدودة وعلمه غیر متناه .

وکما أشرنا فی التفسیر الأمثل أیض ، أنّ آثار أعمال الإنسان ستبقى وتتضاعف وتصیر بذاتها خیر وسیلة للحساب ، وهی على وجه التشبیه کالمعامل التی تحتوی مکائنها على عدّادات لإحصاء عدد دورات الماکنة أو کالسیّارات التی یتصاعد العدد الذی یعدّه عدّاد المسافة الموجود فیها کلما قطعت مسافة أکبر ، فلا توجد حاجة إلى الحساب لمعرفة معدّل عمل مکائن ذلک المعمل أو المسافة التی قطعتها هذه السیّارة ، فکل شیء واضح ومُهَی .

لهذا یجب أنْ ندرک إن علمَ الله اللامحدود وأنّ دیمومة حضور الباری فی کل مکان من عالم الوجود من جهة ، وبقاء آثار الأعمال وتراکمها من جهة اُخرى سیؤدّی إلى تسریع حساب الخلائق کلّها کلمح البصر .

إنَّ التعلیمات التی تحملها هذه الصفات الإلهیّة ( حسیب ، سریع الحساب ، أسرع الحاسبین ) هو أنّها تحذّر جمیع الناس من تناسی أبسط الذنوب وأصغره ، وتجعلهم على یقین بأنّ الذی یحاسبهم هو مَنْ لا تخفى علیه ذرّة من أعمال الناس الصالحة والطالحة ، وَأن النسیان لا یجدی نفعاً فی محوه ، وسیُنهی تعالى حساب جمیع هذه الأعمال یوم القیامة بلمحة بصر ، هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى تلقّن الناس درس المحاسبة فی جمیع أمور الحیاة ، لیحسبوا لکل عمل وکل شیء وکل أمر من حیاتهم حسابه دون أن یترکوه سُدىً .

أمّا کلمة «عقاب» فهی مشتقّة من مادّة ( عَقِب ) على وزن (خَشِن) المستعملة بمعنى کعب القدم ، وأُطلقت فیما بعد على مؤخّرة کلّ شیء ، ولکن ذُکر لها فی مقاییس اللغة معنیان :

الأول تعاقب شیء مع آخر ، والثانی : المرتفع والشدّة والصعوبة ( لذا وردت عقَبَة بمعنى منعطف ) .

وإنّما أُطِلقَ على عقوبات الأعمال ( عقاب ) لکونه عذاباً یصیب الإنسان عقب ارتکابه الأعمال السیئة .

وکذلک یُطلق على الأولاد والأحفاد ( أعقاب ) لأنّهم یأتون عقب الأب والجد ، ویطلقون على الطیر المعروف اسم العقاب لأنّه یعقب فریستهُ بسرعة .

وعلى أیّة حال فإنّ وصف الباری بصفة ( شدید العقاب ) لا یعنی أبداً أن یتجاوز عقابُهُ على مقتضى أصول العدالة بل لکون مجازاته وعقوباته دنیویّة وأخرویّة ، جسمیة وروحیّة ، ولا یأمن منها أی أحد من المجرمین ، ولا تقوى أیّة قدرة على التصدی له .

فقد یُهلک الله قریةً ظالمة فی لحظة واحدة أحیان ، فیمطر حجارة على الأشرار ، وأحیاناً یأمر أمواج البحر لتغرق فرعون وجنده والمتغطرسین فی زمن قصیر لتحیلهم طعاماً لأسماک البحر .

وأحیاناً یأمر الریح العاصفة لتهلک الظالمین وتذری قصورهم فی الفضاء وترمی بها فی نقاط نائیة.

وأحیاناً یُرسلُ طیراً أبابیل لترمی أصحاب الفیل بحجارة من سجّیل وتُهلکهم وتجعلهم کعصف مأکول لتمنعهم من التقدم لهدم الکعبة .

وبالتالی یأمر الله تعالى السماء لتمطر مطراً غزیراً ویأمر عیون الأرض لتتفجّر بالماء فیغطی سطح الأرض سیلٌ عظیم ولا یُبقی علیها إلاّ سفینة النجاة للأطهار المحسنین !

أجلْ إنّه شدید العقاب فی المحل المناسب ، وهذه الصفة تُعدُّ تحذیراً لکل الذین یستهینون بمعصیة الباری ویرتکبون ما شاؤوا من الذنوب دون أن یتفکّروا فی عواقبه ، مستغلین لطف الباری وکرمه .

أجل إنّه « أرحم الراحمین » ولکن فی موضع العفو والرحمة ، وأشد المعاقبین فی موضع النکال والنقمة !

اللهم عاملنا بلطفک ورحمتک ، وخلّصنا من أسر عذابک ، فنحن نُقرّ لک بذنوبن ، ونعتذر إلى جنابک من تقصیرن .


1. توحید الصدوق، ص 202 ، ووردت هذه المعانی الثلاثة فی کتاب مصباح الکفعمی أیض ، ص 324 .
2. تفسیر القرطبی، ج 4 ، ص 2443 .
3. تفسیر روح المعانی، ج 7 ، ص 154 .
4. تفسیر مجمع البیان، ج 2 ، ص 298 ، ذیل الآیة 202 من سورة البقرة .
5. المصدر السابق.
6. تفسیر مجمع البیان، ج 2، ص 298، ذیل الآیة 202 من سورة البقرة.
7. تفسیر مجمع البیان، ج 3 ، ص 313 وروح المعانی ، ج 7 ، ص 154 .

 

44 ـ الحسیب 45ـ سریع الحساب 46ـ أسرع الحاسبین 47ـ سریع العقاب 48 شدیدُ العقاب49 ـ نصیر 50 ـ نعم النصیر 51 ـ خیر الناصرین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma