بعد أن نفت الآیة الأولى وجود المثل عن الله تعالى ، وصفته بصفتی السمیع والبصیر : (لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّمیعُ الْبَصِیرُ).
وواضح أنّ المقصود من «لیس کمثله شیء» یشمل کلاً من ذاته وصفاته وأفعاله ، لأنّ ذاته واجبة الوجود ، وصفاته وأفعاله لامتناهیة ، وما اعتقده بعض المفسرین من أن نفی المثل والشبیه الوارد فی هذه الآیة یشمل الذات المقدّسة فقط ولا یشمل الصفات ، محض اشتباه .
صحیح أنّ هنالک صفات کالعالم والقادر والسمیع والبصیر ، تطلق على الخالق والمخلوق ، لکنّه لا ریب فی أنّ مفاهیمها متفاوتة فی هاتین الحالتین . لذا فقد قال بعض المفسرین : إنّ الآیة أعلاه تفید الحصر ، أی أنّ الله تعالى هو السمیع والبصیر فقط ، لأنّه تعالى سمیع بکل ما تعنیه هذه الکلمة ، وبصیر کذلک ، أی یعلم جمیع المسموعات والمبصرات ولا أحد غیره مثله فی هاتین الصفتین .
فالبشر وسائر الاحیاء التی تمتلک عیوناً وآذاناً تدرک فقط أجزاء محدودة من الألوان والأصوات ، وقد ثبت الآن علمیّاً أنّ الامواج الصوتیة التی تعجز اُذن الإنسان والحیوانات عن سماعها تفوق بکثیر ما یمکن إدراکه ، وهکذا فی مورد الألوان والمرئیات.