لیس کمثله شیء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
شرح المفردات نتیجة البحث

تُشیر الآیة الاُولى إلى حالة المشرکین الذین کانوا یُحرّفون أسماء الله التی کانت تبیّن صفاته ، وتحذّرهم من هذا العمل: (وَللهِ الأَسْمـَاءُ الحُسْنَى) أسماءٌ تعکس صفاته کما هی: (فَادُعُوهُ بِهـَا وَذَرُوْا الَّذینَ یُلْحِدُونَ فِى أَسْمـائِهِ) .

« إلحـاد »: و( لَحْد ) على وزن ( مَهْدْ ) ، بمعنى الانحراف عن حد الإعتدال (الحد الوسط) إلى أحد الجانبین ، وسمِّی ( اللّحد ) الذی یحفر فی القبر بهذا الاسم لأنّه یُحفَرُ فی أحد جانبی القبر لتوضع الجنازة فیه حتى لا یصلها التراب الذی یُهال على القبر(1) .

وأمّا معنى «الالحاد فی أسماء الله تعالى» فی هذه الآیة ، فالکثیر من المفسّرین یرون بأنّه ذو مفهوم عام یشمل ثلاثة اُمور :

الأول : هو أنّ المشرکین کانوا یشتقّون أسماء أصنامهم من أسماء الله کاللات والعزّى ومناة التی کانوا یعتقدون بأنّها مشتقّة من کلمة الله ، والعزیز ، والمنّان على الترتیب.

الثانی : هو أنّه ینبغی أن لا یُدعى الله بالأسماء التی لا یرتضیها لذاته ولا تلیق به عزّ وجلّ أو مشوبة بالنقائص والعیوب الخاصّة بالممکنات (المخلوقات) مثل کلمة أب التی أطلقها المسیحیّون على الله تعالى .

الثالث : أن لا یُسمّى الله بالأسماء المبهمة .

وبتعبیر آخر فإنّه لا یجوز تشبیه الله بما سواه ولا تعطیل فهم صفاته ولا تسمیة من سواه بأسمائه عزّ وجلّ .

کل ذلک یُشیر بصورة واضحة إلى وجوب ملازمة جانب الاحتیاط التام فی بحث صفات الله والحذر من تسمیته ووصف ذاته المقدّسة بأسماء وصفات هی من شأن الموجودات الناقصة .

لذا فقد اعتقد الکثیر من العلماء بأنّ أسماء الله توقیفیّة ، أی لا یُمکن وصفه وتسمیته إلاّ بالصفات والأسماء الواردة فی الآیات والروایات المعتبرة فقط . (وسیأتی شرح هذا الکلام فی قسم التوضیحات إن شاء الله تعالى) .

أمّا الآیة الثانیة فقد نفت ولایة وربوبیة وألوهیة من سواه ، وأکدّت خالقیته للسموات والأرض .

قال تعالى : (لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّمیعُ البَصیرُ) .

ونظراً لکون کاف التشبیه فی کلمة «کمثله» هی بذاتها تعنی المثل فإنّها جاءت مع «مثله» للتأکید (وقد عبّر عنها البعض بالحرف الزائد وهو یستعمل للتأکید أیضاً) .

على هذا یکون معنى الآیة هو : لیس کمثله شیء وما نعرفه وما لا نعرفه ، فهو تعالى لیس له نظیر من أی جهة ، وذلک لأنّه وجود مستقل بذاته ولا نهایة له وغیر محدود من جمیع الجهات ، لا فی علمه ، ولا فی قدرته ، ولا فی حیاته ، ولا فی إرادته و ... . .

وأمّا ما سواه من الموجودات فهی تابعة ومحدودة ومتناهیة وناقصة . لذا لایوجد وجه شبه بین وجوده الذی یمثّل الکمال المطلق وبین النقصان المطلق (أی الموجودات الإمکانیّة) ، فهو الغنی المطلق ، ومن سواه فقیر ومحتاج فی کلّ شیء .

وما نقله بعض المفسّرین من أنّ نفی التشبیه الوارد فی الآیة أعلاه یختص بنفی التشبیه فی الذات ، أی لیس کذاته المقدّسة شیء ، ولا یشمل الصفات ، من حیث وجود بعض صفاته کالعلم والقدرة و... فی الإنسان أیضاً فهو خطأ کبیر ، فإنّه سیأتی فی بحث العلم والقدرة وغیرهما بأنّ مثل هذه الصفات لیس بینها وبین علمنا وقدرتنا أی لون من الشبه ، فإنّ الله تعالى موجود ، ونحن موجودون أیض ، لکن الفرق شاسعٌ جدّاً بین الوجودین!؟ وهکذا صفاته وصفات مخلوقاته .

وعلى أیّة حال فهذا أصلٌ أساسیُّ فی بحث معرفة الله ومعرفة صفاته ، وهو أن ننزّهه تعالى عن المثیل والشبیه ونُعِدّه أکبر من القیاس والظن والوهم ، وأن نلتفت إلى أنّ الأوصاف التی نصفه بها یجب أن تکون خالیة من کل عیب ونقص وعارض مادی وجسمانی وإمکانی .

جَلَّ المُهَیمِنُ أنْ تُدرَى حَقِیقَتُهُ *** مَنْ لالَهُ المِثْلُ لا تَضْرِبْ لَهُ مَثَلا

والآیة الثالثة تُشیر إلى نفس محتوى الآیة الثانیة بشکل آخر ، فبعد أن سفهت الآیة آلهة الوثنیین التی لا تستطیع أن تهب للبشر أیّ رزق فی السموات والأرض قالت : (فَلاَ تَضْرِبُوا للهِِ الأَمثـَالَ إِنَّ اللهَ یَعْلَمُ وَاَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) .

وبدیهی فإنّ الوجود إذا کان واحداً متفرداً من جمیع الجهات فانّه لیس له شبیه أو کفؤ لکی یکون له مثلا.

ولقد جاء فی بعض التفاسیر بأنّ هذه الآیة تُشیر إلى قول مشرکی الجاهلیة وحتى بعض مشرکی عصرنا الحاضر فی أنّ الله أکبر من أن نعبُدَهُ نحن ، لذا فنحن یجب أن نعبد موجودات من سنخنا وفی متناول أیدین ، فهو بالضبط کالملک الکبیر العظیم الذی لا یستطیع عامة الناس الوصول إلیه ، لذا تراهم یقصدون وزراءه وخواصّه ومقرّبیه الذین یُمکن الوصول إلیهم .

القرآن الکریم یقول : لا تضربوا لله مثلاً من قبیل هذه الأمثال ، فهو أعزُّ وأجَلُّ من أن یشبه بالملک الضعیف ، فهو موجودٌ فی کل مکان ، فی قلوبکم وأقرب إلیکم من أنفسکُم ، علاوةً على ذلک فهو لا شبیه له ولا مثیل لکی یعکس وجوده فتعبدوه ، فالأصنام وجمیع المخلوقات الاُخرى مثلکم مخلوقة وتابعة ومحتاجة إلى وجوده عزّ وجلّ .

ویُمکن أن تکون جملة: (إِنَّ اللهَ یَعْلَمُ وَاَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) إشارةً وتنبیهاً إلى أنّکم لا تعلمون کنه ذاته وصفاته ، وضرب الأمثلة له ینبع من جهلکم هذ ، فالله تعالى یحذّرکم من تردید هذا الکلام .

ومن هنا یتّضح أنّ ما ورد فی قوله تعالى: (اللهُ نُورُ السَّمـاواتِ وَالأَرضِ) (النور/ 35)

أو فی قوله تعالى: (وَنَحنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِن حَبلِ الوَرِیدِ). (ق / 16)

لا یتنافى أبداً مع عدم وجود مثل له سبحانه ، وذلک لأنّ المراد هو نفی وجود مثل أو مثال حقیقی له ، فهذه جمیعاً أمثلة مجازیّة أنتُقیت لتقریب تلک الحقیقة ، التی لا مثیل له ، فی الأذهان .

لذا فقد قال تعالى فی ذیل نفس هذه الآیة: (وَیَضْرِبُ اللهُ الأَمْثـَال لِلنَّاسِ). (النور / 35)

لیدرکوا الحقائق طبع .

وفی الآیة الرابعة من بحثنا وهی الآیة الأخیرة من سورة التوحید ، نفى سبحانه وجود أی شبیه أو مثیل أو نظیر أو کفؤ له حیث قال : (وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً اَحَدٌ) .

نفى الله تعالى عن ذاته أنواع الکثرة بقوله : (أحد) ، ونفى النقص والمغلوبیة بلفظ (الصمد) ، ونفى المعلولیة والعلّیة بـ (لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَد) ، ونفى الأضداد والأنداد بقوله : (وَلَمْ یَکُن لَهُ کُفُواً أحَد) .

وبهذا فقد نفى سبحانه عن ذاته المقدّسة جمیع صفات المخلوقات وعوارض الموجودات المختلفة وأی لون من المحدودیّة والنقص والتغیر والتحول ، التی هی من عوارض الممکنات .

ولقد جاء فی تفسیر الفخر الرازی بأنّ الآیة الأولى من سورة التوحید نفى بها الله تعالى عن ذاته أنواع الکثرة بقوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحدٌ) ، ونفت کلمة (صمد) النقص والمغلوبیة ، و :(لَمْ یَلِدْ وَلمْ یُولَدْ) المعلولیّة والعلیّة : (وَلَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُوَاً أَحَدٌ)الأضداد والأمثال عن ذاته المقدّسة ، وذلک لأنّ الکفؤ بمعنى النظیر ویُمکن أن تشمل کلا المعنیین (المثل والضد) ( 2) .

ویقول أیض : بأنّ الآیة التی هی محلُّ بحثنا تُبطل مذهب المشرکین حیث یزعمون بأنّ الأصنام أکفاء له وشرکاء ، فی الوقت الذی نفت الآیات التی سبقتها مذهب الیهود والنصارى الذین جعلوا له ولد ، ومذهب المجوس الذین کانوا یعتقدون بإلهین (إله النور وإله الظلام) (3) .

وفی الآیة الخامسة نواجه تعبیراً جدیداً فی هذا المجال ، حیث قال تعالى : (سُبْحـَانَ اللهِ عَمَّا یَصِفُونَ) .

وبالرغم من أنّ هذه الجملة قد وردت بتفاوت مختصر فی ستِّ آیات من القرآن الکریم(4)تنفی الولد والصاحبة لله تعالى أو تنفی الکفؤ والنضیر من الأصنام ـ بقرینة الآیات التی سبقتهاـ، لکنها فی الواقع تحتوی على معنىً عمیق یشمل کلّ ألوان التوصیف ، لأنّ التوصیف الذی یصدر منّا عادة یکون شبیهاً لما فی المخلوقات والممکنات ، وآخر مایمکن أن نصفه به سبحانه هو أن نقول : (الله أکبر من أن یوصف) وأعلى من الخیال والقیاس والظن والوهم ، وأعظم ممّا رأینا وسمعنا وقرأنا وکتبن ، أجل إنّه منزّهٌ عن الوصف .

ولو جئنا إلى الآیة السادسة من بحثنا نلاحظ تعبیراً جدیداً فی هذا المجال أیضاً حیث یقول : (مـَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أی المشرکون .

لأنّهم قد قاسوه بمخلوقاته وجعلوا له شریکاً وکفؤاً فی حین أنّه لیس له کفؤاً أحد .

ومن سواه ضعیفٌ ومغلوب ، ونقل بعض المفسّرین بأنّ هذه الآیة نزلت بخصوص جماعة من الیهود الذین کانوا یقولون بأنّ الله عندما فرغ من خلق السموات والأرضین تعب! واستلقى على ظهره واستراح ! ووضع احدى رجلیه على الاُخرى .

فنزلت هذه الآیة فوبختهم وخطّأتهم لأنّهم لم یقدّروا الله عزّ وجلّ حق قدره وشبّهوه بمخلوقاته .

ومع أنّ الآیة المذکورة تنفی کلام المشرکین (عبدة الأوثان) إلاّ أنّها ذات مفهوم عمیق وواضح ، لذا فإنّ الإمام الصادق(علیه السلام) قال : «إنّ الله لا یوصفُ وکیف یوصف وقد قال فی کتابه : (إِنَّ اللهَ لَقَویٌ عَزیزٌ) فلا یُوصف بقدر إلاّ کان أعظم من ذلک» (5) .

وکذلک فقد ورد فی الخطبة 91 من نهج البلاغة :

«کَذَبَ العـادِلُوْنَ بِکَ ، إِذْ شَبَّهُوْکَ بأَصْنـامِهِمِ ، وَنَحَلُوْکَ حِلْیَةَ الْمخُلُوقینَ بِأَوْهـامِهِم وَجَزَّأُوْکَ تَجْزِئَةَ المُجَسَّمـاتِ بِخَواطِرِهِمْ وَقَدَّرُوْکَ عَلَى الخِلْقَةِ المُخْتَلِفةِ الْقُوَى بِقَرائِحِ عُقُوْلِهِمْ»(6) .

وفی الآیة السابعة والأخیرة من بحثن ، نلاحظ أنّه تعالى قال ضمن إشارته إلى حال المجرمین والمذنبین یوم القیامة ومثولهم فی محکمة العدل الإلهیّة الکبیرة : (یَعْلَمُ مـَا بَینَ اَیْدیهِمْ وَمـَا خَلْفَهُمْ وَلاَ یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً) .

لقد ذُکرت فی تفسیر هذه الآیة عدا ما ذکرناه أعلاه احتمالات اُخرى ، من جملتها هی أنّها تعنی بأنّ الله علیم بأعمالهم وجزائهم ، لکنهم لیس لهم علم واطلاع کامل لا على أعمالهم ولا على جزائها وما أکثر ماتناسوه منه ، لکن التفسیر الأول أقرب ـ حسب نظرن .

وعلیه فإنّ هذه الآیة تقول : بأنّ البشر عاجزون عن الاحاطة العلمیة بکنه ذاته المقدّسة أو بکُنه صفاته ، وذلک لأنّه أعلى وأعظم من ظنوننا وعقولن ، فکیف یمکن أن تحیط به الخلائق ، فی حین أنّ هذه الاحاطة تستلزم محدودیته تعالى وهو منزّهٌ عن کل أنواعها!؟


1. مقاییس اللغة ; ومفردات الراغب .
2. تفسیر الکبیر، ج 32 ، ص 185 .
3. تفسیر الکبیر، ج 32، ص 185.
4. تفسیر الکبیر ، ج 32 ، ص 185 .
5. اصول الکافی، ج 1 (باب النهی عن الصفة بغیر ماوصف به نفسه) ، ح 81 ـ لاحظوا أنّ الآیة أعلاه قد وردت فی ثلاث مواضع من القرآن الکریم هی : الأنعام، 91 ; الحج، 74 ; الزمر، 67 ، وفی موردین منها بحرف واو .
6. نهج البلاغة، الخطبة 91 (خطبة الأشباح) .

 

شرح المفردات نتیجة البحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma