القرآن والجواب الإجمالی على مسألة الآفات والبلایا:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
الجواب الإجمالی المختصرالحوادث الألیمة فی الروایات الإسلامیة

إنّ القرآن الکریم الذی یُری الطریق ویُعین فی الوصول إلى المقصود فی جمیع المسائل الفکریّة، له إشارات کثیرة أیضاً فی هذا المجال من جملتها:

1 ـ قال تعالى فی موضع: (وَمَا أُوتِیتُم مِّنَ العِلمِ إِلاَّ قَلِیلا). (الأسراء/ 85)

فاحذروا أن تحاولوا بعلمکم المحدود أن تُنظّروا فی کُلّ شیء، وتتصوروا بجهلکم بأسرار الحوادث عدم وجود تلک الأسرار.

2 ـ بعد أن أشار تعالى فی سورة النساء إلى قسم من الاختلافات التی قد تحدث بین الزوجَیْن، أمر الرجال بحسن معاملة النساء فقال: (فَإِنْ کَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَکرَهُوا شَیئاً وَیَجعَلَ اللهُ فِیهِ خَیراً کَثِیراً). (النساء/ 19)

وقد ورد نفس هذا المفهوم بتعبیر آخر، بالنسبة إلى الجهاد فی سورة البقرة، کقوله تعالى: (کُتِبَ عَلَیْکُمُ القِتَالُ وَهُوَ کُرْهٌ لَّکُمْ وَعَسَى أَن تَکْرَهُوا شَیئاً وَهُوَ خَیْرٌلَّکُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَیْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّکُمْ وَاللهُ یَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعلَمُونَ). (البقرة/ 216)

مع أنّ الآیة الاُولى تخص المعاشرة الزوجیّة، والآیة الثانیة تخصُّ الجهاد المسلّح ضد العدو، لکن ما ورد فی نهایتهما قانون کُلّیٌّ حیث یقول: إنّ محدودیة علمکم فی الکثیر من الموارد تحول دون تمییزکم الخیر والشّر، وعلیه لا یُمکن النظر فقط إلى ظاهر الحوادث والقضاء بشأنها، فمن المسلَّمِ أن الحوادث البشریّة المُرّة تقع فی دائرة هذا القانون الکلّی أیضاً.

3ـ إنّ قصة الخضر وموسى(علیهما السلام) التی وردت فی سورة الکهف والتی تُعدُّ من القصص القرآنیة الغنیّة الرامیة إلى أهداف متعددة، تشیر بوضوح إلى بحثنا، والتی یُمکن القول: إنّ أحد ألاهداف الأساسیة من طرحها هو هذه المسألة وهی: عندما یصدر فعلٌ معینٌ من حکیم، یجب عدم الحکم بظاهره والقضاء بشأنه استناداً إلى ذلک، فما أکثر الحالات التی یبدو فیها ظاهر العمل قبیحاً، لکنّه یحتوی فی باطنه على أسرار عمیقة.

فمثلا خرق سفینة المساکین المستضعفین التی کانت تشکّل مصدر عیشهم (رزقهم) المحدود، أو قتل الغلام الذی کان یبدو بریئاً ولم یرتکب جرماً وخیانةً ظاهراً، أو إقامة الجدار الذی أو شک على الانهیار بدون ثمن، فی قریة البخلاء الذین أبْوا أن یضیّفوا (موسى وصاحبه(علیهما السلام)) کانت جمیعها أعمالا یُعد کلٌّ منها أقبح من الآخر.

ولهذا السبب کان موسى(علیه السلام) یعترض کُلّما ارتکب الخضر(علیه السلام) أحد هذه الأعمال ویقول له: لِمَ فعلت هذا!؟

ففى الموقف الأول قال له: (أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهلَهَا لَقَد جِئْتَ شَیْئاً إِمْراً).(1) (الکهف /71)

وفی الموقف الثانی استنکر قائلا: (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَکِیَّةً بِغَیرِ نَفس لَّقَدْ جِئْتَ شَیْئاً نُّکْراً). (الکهف / 74)

وفی الموقف الثالث أراد مِنَ الخضر(علیه السلام) أن یتقاضى أجراً مقابل عمله (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً). (الکهف / 77)

وکان یبدو لموسى(علیه السلام) أنَّ العمل الأول اتلاف مال الغیر، والثانی اتلاف النفوس، والثالث اتلاف الحق الخاص.

ولکن عندما کشف (الخضر(علیه السلام))، ذلک العالم الکبیر الذی کان یُعَدُّ فی هذه الواقعة بمنزلة استاذ ومعلّم لموسى(علیه السلام)، حجباً عن أسرار عمله تأسف موسى(علیه السلام)على استعجاله فی القضاء بشأن تلک الأمور، لأنّه عرف أنّ من وراء ظاهر هذا العمل القبیح أسراراً خفیّة تعود بالمصلحة للمستضعفین فی النهایة!

فخرق السفینة وإعابتها المؤقتة حال دون غصبها من قبل سلطان جبّار غاصب کان یغصب جمیع السفن السلیمة.

وبقتل ذلک الشاب غیر المؤمن والکافر الظالم (الذی کان مستحقّاً لمثل هذه العقوبة حسب القوانین الإلهیّة) قد خلّص أبویه المؤمنَیْن من الخطر.

وبترمیمه ذلک الجدار الذی کان مُشرفاً على الإنهیار کان قد حفِظَ کنزاً لطفلَیْن یتیمیْن، والذی کان یُعدُّ إرثاً خلّفه لهما أبوهما المؤمن لیستفیدا من أوان بلوغهما سنَّ الرشد.

کان الخضر(علیه السلام) إنساناً عاقلا حکیماً ولکنه بالقیاس إلى علم الله وحکمته لا یُساوی شیئاً مذکوراً، وکانت أعماله فی الظاهر بدرجة من القباحة بحیث لا یُمکن فی بادیء الأمر توجیهها بأی بیان، وکان هذا هو السبب فی استنکار موسى واعتراضه علیها، لکن أسرارها الإنسانیة والمنطقیّة انکشفت تماماً بتوضیح قصیر ومختصر من قبل الخضر(علیه السلام)، واقتنع بها موسى(علیه السلام) بصورة تامّة.

یمکن الاستفادة من هذا البیان القرآنی کقانون کُلّی، والإستنارة به لمعرفة حقائق الأمور الظاهریة التی قد نشاهدها أحیاناً فی عالم الوجود، واعتباره جواباً إجمالیاً لنستیقن بالأسرار الخفیة المحتمل وجودها من وراء هذه الظواهر.

4 ـ وتُلاحظ إشارة اُخرى إلى هذا الموضوع فی قصّة قارون، ذلک الرجل الثری والأنانی الظالم من بنی اسرائیل، فی الموضع الذی استعرض قارون یوماً ما کان یملکه من الثروات الطائلة والنفیسة (من الخیول والغلمان والإماء والمجوهرات الذهبیة) أمام أنظار بنی اسرائیل، فدُهشَ جماعة من الأفراد ذوی النظرة الظاهریة، من هذا المشهد بحیث قالوا: (یَالَیْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قَارُونُ). (القصص/ 79)

ولکن فی الیوم التالی الذی خُسفت فیه الأرض بقارون وأمواله وتبیّن بأنّ من وراء ذلک الجمال الظاهری قبحٌ باطنی وعقوبة ألیمة، قالوا مستوحشین: (لَوْلاَ أَن مِّنَّ اللهُ عَلَینَا لَخَسَفَ بِنَا). (القصص / 82)

علاوة على ما تحمله هذه القصّة من التجلیات التربویّة فإنّها تُشیر إلى هذه المسألة وهی: استحالة إمکانیة القضاء بشأن أمر معین خیراً کان أو شرّاً على أساس ظواهر الأمور.

فأحیاناً ما یراه الإنسان خیراً فی الظاهر فانّه شرٌفی باطنه بحیث لو عرف نتائجه لولى منه فراراً. ومن قبیل هذه الحوادث تُعَدّ الأرضیّات المنطقیة للجواب الإجمالی على الأسئلة المطروحة فی داخل روح الإنسان.

5 ـ فی المسائل المتعلّقة بالوصیّة فی القرآن الکریم، بعد أن أشار تعالى إلى إرث الطبقة الأولى (الأبناء والوالدیْن) قال: (آبَائُکُمْ وَأَبْنَائُکُمْ لاَ تَدْرُونَ أَیُّهُمْ أَقرَبُ لَکُم نَفعاً). (النساء/ 11)

مع کون الأب والأم والولد اقرب إلى الإنسان ممن سواهم، ویقضی أغلب سنین عمره معهم، إلاّ أنّ القرآن یقول: أنتم لا تدرون أیّاً من آبائکم وأبنائکم أقرب لکم نفعاً، وأیّهم صاحب الدور فی حیاتکم، لذا لم یوکل أمر تعیین حصّة الارث إلیکم.

فالإنسان الذی لا تسمح له محدودیة علمه فی أن یحکم حکماً قطعیاً فی مثل هذه المسائل کیف یُمکنه أن یحکم سَلفاً على حدَث ینتج عنه الألم فی الظاهر بأنّها مسألة غیر موزونة فی عالم الخلق؟

خلاصة الکلام هو أنّ الأدلّة العقلیة بل والآیات القرآنیه أیضاً تدل بوضوح على هذا الجواب الإجمالی الکلّی حول الأسئلة المطروحة أعلاه، وعلى الأقل إنّها قد منعت الإنسان من القضاء القطعی بشأن الأمور، وحثّته على التریُّث والتفکُّر بصورة أکثر.


1. «إمر» على وزن «بِئْر» تُطلق على العمل المهم والعجیب، أو المبغوض والقبیح جدّاً.

 

الجواب الإجمالی المختصرالحوادث الألیمة فی الروایات الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma