کما أنّ حقیقة العلم من البدیهیات ، وهذا المعنى من الواضحات أیضاً، حیث إننا نمتلک نوعین من العلم وهما مختلفان تمام :
النوع الأول : نحن نعلم وندرک وجودن ، وإرادتن ، ومیولن ، حُبّنا وبغضن ، مایدور فی اذهانن ، بدون حاجة إلى أی وساطة ، ونحیط علماً بأنفسن ، وأفکارنا وحالاتنا الروحیة ماثلة بین أیدین ، ولا حجاب فیما بیننا وبینه . (ویدعى هذا النوع بالعلم الحضوری) .
النوع الثانی : نحن نعلم بما یُحیط بنا من الموجودات أیضاً ولکن من المسلَّم به أنّ السماء والأرض والنجوم لا توجد فی اعماق وجودنا وفی دخائل أرواحنا وأفکارن ، بل نفذت صورها إلى أذهاننا عن طریق آثاره ، وفی الحقیقة أنّ ما عرفناه عنها هو تلک المفاهیم التی نفذت إلى أعماقن ، وهذا النوع من العلم یدعى بالعلم الحصولی .
وعلم الله بجمیع موجودات العالم من النوع الأول ، لأنّه موجود فی کل مکان ، ویحیط بکل شیء احاطة وجودیة، ولا شیء بعید عنه سبحانه .
فهو سبحانه لا یحتاج إلى الحواس وانعکاس صور الموجودات فی الذهن ، ولا إلى المفاهیم الذهنیة أبد ، وعلمه بکل شیء علم حضوری .