نواصل هذا الکلام بروایة منقولة عن الإمام الصادق (علیه السلام) ، نقلها الشیخ الطوسی (رحمه الله) فی (الأمالی) عن أبی بصیر عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال:
«لم یزل الله جلّ اسمه عالماً بذاته ، ولا معلوم ، ولم یزل قادراً بذاته ولا مقدور ، قلتُ : جُعِلْتُ فداک : فلم یزل متکلّماً؟ قال : الکلامُ محدث ، کان الله عزّوجلّ لیس بمتکلّم ثمّ أحدث الکلام» (1) .
وقد نقل المرحوم الکلینی (قدس سره) نفس هذا الحدیث فی الکافی مع تفاوُت بسیط ، حیث ورد فی ذیله بصراحة :
«إنَّ الکلام صفةٌ مُحدَثة لیستْ بأزلیّة ، کان الله عزّوجلّ ولا متکلّم» (2) .
تُبیّن هذه العبارات بوضوح الفرق الموجود بین (صفات الذات) و(صفات الفعل)، صفات الذات التی کانت منذ الأزل کالعلم والقدرة ، ولا تحتاج (فی تحقُّقها) إلى وجود المخلوقات، أمّا (صفات الفعل) فهی صفات خارجة عن الذات الإلهیّة وقد انتزعها العقل عند صدور الأفعال من قِبَلِ الله تعالى ، ومنسوبة إلیه (کالخالقیّة والرازقیّة) ، وصفة (التکلُّم) من هذا القبیل أیضاً لأنّها نوع من الفعل والحرکة، ونحن نعلم بأن لیس للحرکة طریقٌ إلى الذات الإلهیّة المقدّسة.