لقد تقدم تفسیر الآیة الأولى فی البحث السابق ، وخلاصته أنّها حذّرت الناس من تحریف أسماء الله حیث تقول : (وَللهِِ الأَسمـَاءُ الحُسنَى فَادعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذینَ یُلحِدُونَ فی أَسمـَائِهِ) .
وأشارت الآیة الثانیة أیضاً إلى تعلل المشرکین الذین کانوا یشکلون على رسول الله فی تسمیته لله تعالى بأسماء متعددة وخاصة اسم الرحمن الذی کان غیر مألوف عند العرب المشرکین آنذاک ، مع أنّه کان یدعوهم للتوحید فالآیة تقول : (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحمَـنَ أَیّاً مَّا تَدعُوا فَلَهُ الأَسمـَاءُ الحُسْنَى) .
وصفت الآیة الثالثة الباری بالخالقیة والمالکیّة وتدبیر عالم الوجود والعلم والاطلاع على الظاهر والباطن ، حیث قالت : (اللهُ لاَ إِلـهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسمـَاءُ الحُسنَى) .
أجَلْ فهو سبحانه بامتلاکه هذه الأسماء والصفات الحسنى التی لا نظیر لها یلیق لمقام الألوهیّة والربوبیة ولا أحد یلیق لهذا المقام سواه .
وأخیراً فقد وصفت الآیة الرابعة والأخیرة ـ من بحثنا ـ ربّ العالمین بأوصاف متعدّدة ، بعد أن وصفته الآیات التی سبقتها بأکثر من عشرة أوصاف ، فقال : (هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسمـَاءُ الحُسنَى) .
وبعد ذلک وصفته بأوصاف مهمّة اُخرى بلغ مجموعها ثمان عشرة صفة .
ونستنتج من مجموع هذه الآیات أنّ الأسماء الحسنى کنایة عن صفات الجمال والجلال الخاصّة به سبحانه ، والذی یعبر کل واحد منها عن کمال متمیز أو تنفی عنه سبحانه نقصاً معیّن ، وهی لیست تسمیة بسیطة وعادیّة ، وقد انعکست هذه الأسماء والصفات فی مختلف الآیات القرآنیّة وصارت محل اعتماد .
ولننطلق الآن لبحث هذا الموضوع ونرى ما هی الأسماء الحسنى ؟ هل هی محدودة عددّیاً ؟ وإن کانت کذلک فکم عددها ؟