وأخیراً تحدثت الآیة السابعة والأخیرة من بحثنا عن المشیئة الإلهیّة التشریعیة وبصورة ظریفة ، ومن الضروری الالتفات إلى أنّ القرآن الکریم قد استعمل کلمة (الإرادة) فی التکوین والتشریع بکثرة، لکن استعمل کلمة (المشیئة) فی المسائل التکوینیة عادةً ، وقد استعملها فی مجال التشریع والتقنین بندرة ممّا یدلّ على شمول مفهوم المشیئة للجانب التکوینی بصورة أکثر) . قال تعالى : (وَمـَا کـَانَ لِبَشَر اَنْ یُکَلِّمَهُ اللهُ اِلاَّ(بثلاثة طرق) وَحْیاً اَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجـَاب(کما تحدث مع موسى فی جبل طور ، والحجاب هنا بمعنى حجاب المادة)اَوْ یُرْسِلَ رَسُولا فیُوحِىَ بِاِذْنِهِ مـَا یَشـَاءُ اِنَّهُ عَلىٌّ حَکیمٌ) ، فسموّه یقتضی أن لا یُرى أو یکلمه بشر ، وحکمته تقتضی أن یرسل الرسل لهدایة الخلق ، ویرتبط برسله بالطرق الثلاثة المذکورة فی الآیة أعلاه .
یستنتج من مجموع الآیات المذکورة بأنّ إرادة الله سبحانه التکوینیة والتشریعیة تشمل جمیع الممکنات ، کل ماتقتضیه حکمته .
وإن کان للانسان إرادة لعمل شیء معین فانّما هی بإذن الله .
ولا شیء یمنع عن تحقق إرادته سبحانه ، ومشیئته غیر منفصلة عن خلق الأشیاء .
ومصیرنا جمیعاً بیده سبحانه ، فالخیر والفائدة والسعادة کلها هی فیض من وجوده عزّ وجل .
فبالاعتماد على إرادة الله ومشیئته تهون علینا الحوادث الصعبة .
هذا ماتفیضه علینا هذه الصفات الإلهیّة من معطیات .