1 ـ مسألة العدل الإلهی لدى المذاهب والفرق الإسلامیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الرابع)
ثمرة البحث2ـ الأدلّة العقلیّة على مسألة العدل الإلهی

تشیر القرائن إلى وجود مخالفین ومؤیدین للعدل الإلهی من بین الفلاسفة وعامة الناس منذ أقدم العصور، وبشکل ملحوظ. وتأیید العدل نشأ من کونه من صفات الکمال وعدم تجرّد الله الذی هو منبع کُلّ الکمالات منه أبداً.

وانصار نفی هذه الصفة نشأ تصورهم هذا من وجود قسم من العیوب الظاهریة، والآفات، والبلایا، والمصائب التی تبدو ولأول وهلة على الأقل متنافیة مع مسألة العدل الإلهی.

لکن هذه المسألة اتخذت طابعاً آخر بین المسلمین، فجماعة منهم یدعون (بالأشاعرة) خالفوا هذه الأصل الدینی لا من حیث إنکارهم عدالة الله، بل من حیث کونه تعالى مالک الوجود، وعدم تحقُّق صفة الظلم من قِبَلِهِ، فکل شیء یفعله هو عین العدالة (حتى معاقبة جمیع المحسنین وإثابة جمیع المسیئین)!

إنّ الدافع الأساس للاتجاه نحو هذا النوع من التفکیر هو الوقوع فی أسرالتفکیر بمسألة الجبر وعدم التفویض من جهة، لأنّ الأشاعرة من المؤیدین المتعصبین لمسألة «الجبر وعدم تفویض العباد فی أفعالهم».

ومن جهة اُخرى وحسب ما صرّحت به الآیات القرآنیة، وطبقاً لضرورة الدین الإسلامی فإنّ الله یدخل المحسنین الجنّة والمسیئین النار.

وهنا واجهوا هذا الإشکال وهو: إذا کان الإنسان مجبراً على أفعاله فما معنى الثواب والعقاب على هذه الأعمال الإجباریة وغیر الإختیاریّة؟ وکیف یتناسب هذا مع عدالة الله سبحانه؟ لذا فقد اضطرّوا إلى إنکار مسألة العدالة الإلهیّة بالشکل الذی ذکرناه آنفاً.

ومن جهة ثالثة أنّهم کانوا یعتقدون بأنّ إنکار العدل الإلهی نوعٌ من التوحید الکامل، وکانوا یظنّون الوصول إلى مرحلة التوحید العلیا إذا ما اعتقدوا بأنّ الله فوق مسألة العدل والظلم.

وفی مقابل هذه الجماعة کانت تقف جماعة (المعتزلة) الذین کانوا یعتقدون بأنّ العدل الإلهی من أهم المسائل العقائدیة، وبإمکانیة تصوُّر کل من العدل والظلم بالنسبة إلى الله تعالى، لکن الله لا یظلم أبداً، والعدالة بمعنى الکلمة موجودة فیه.

أمّا الشیعة ومعتنقو مذهب أهل البیت(علیهم السلام) فإنّهم وقفوا فی زمرة مؤیدی العدل الإلهی، لذا یُطلق علیهم وعلى المعتزله اسم (العدلیّة).

إنّ الأهمیّة التی یولیها شیعة أهل البیت(علیهم السلام) لمسألة العدل الإلهی من العمق بحیث اعتقدوا بأنّ (العدل) و(الإمامة) رُکنان أساسیّان فی مذهبهم، فی مقابل (التوحید) و(النبّوة)و (المعاد) التی تُعد الأرکان الأساسیّة الثلاثة للدین الإسلامی.

وسنلاحظ فی البحوث القادمة إن شاءالله أنَّ إنکار مسألة العدل الإلهی قَدْ یُؤدّی أحیاناً إلى إنکار علم الله أو قدرته، ویؤثّر على الصفات الإلهیّة الاُخرى أیضاً، لهذا فقد عُرفَ (العدل) کصفة مرتبطة ببقیّة الصفات.

ولعل هذا هو دلیل ما ورد فی الروایة التی مفادها أنَّ رجلا دَخَلَ على الإمام الصادق(علیه السلام)فقال له: «إنَّ أساس الدین التوحید والعدل» وأضاف قائلا: «اودُّ أن تُبیّن لی شیئاً فی هذا المجال یسْهلُ حفظهُ».

فقال الإمام(علیه السلام): «أمّا التوحید فأن لا تجوّز على ربّک ما جاز علیک، وأمّا العدل فأن لا تنسَبَ إلى خالقک ما لامک علیه»(1).

إنَّ هذا الجواب المُتْقَنَ جدّاً هو بالواقع دلیلٌ على (التوحید) و(العدل) ملخصٌ فی عبارات موجزة، لأنّ صفات الممکنات لا یُمکن أن تکون صفات للهِ الذی هو واجب الوجود لأنّ هذه الصفات مقرونة بالنقص والمحدودیّة، فی حین أنّه جلّ وعلا کاملٌ وغیر محدود من کل الجهات، وکذا کیف یُمکن أن یُؤاخذنا الله على أفعال تنسبُ إلیه ونحن نقوم بها.

ولکن على أیّة حال، فإنّ جواب الإمام(علیه السلام) هذا یدلُّ على تأییده(علیه السلام) لکلام الراوی: «إنّ أساس الدین التوحید والعدل».

وقد جمع أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) هذین الرکنین فی عبارته المختصرة والمفیدة جدّاً، وشرح حقیقة التوحید والعدل باُسلوب رائع جدّاً، حیث قال: «التوحید أن لا تتوهمه والعدل أن لا تتهمه). (فما تحیط به الأوهام محدود ومخلوق والله تعالى أکبر من ذلک). (والعدل أن لا تتهمه یعنی أن لا تنسب إلیه ما کسبت یداک من قبائح الأعمال)( 2).


1. بحارالأنوار، ج 5، ص 17، الباب 1، ح 23.
2. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 470.

 

ثمرة البحث2ـ الأدلّة العقلیّة على مسألة العدل الإلهی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma