بالإضافة إلى وضوح ما دلت علیه الآیات والروایات المذکورة على إثبات وجود عالم یتوسط الدنیا والآخرة، فإنّ هذا الأمر یمکن إثباته عن طریق العقل والحس أیضاً، وذلک لأنّ جمیع الأدلة التی دلت على وجود الروح وخلودها مستقلة عن البدن تدلّ على وجود عالم البرزخ، لأنّها دلت على عدم فناء الروح بموت الجسم، وذلک لأنّها لیست من عوارض الجسم حتى تفنى بفنائه، بل هی جوهر مستقل یمکنها الحفاظ على بقائها من دون بقاء الجسم أیضاً، والاعتراف بهذا یساوی الاعتراف بعالم البرزخ، وذلک لأنّ الحدیث هنا هو عن أصل وجود عالم البرزخ، لا عن کونه روحیاً.

وبالإضافة إلى هذا فإنّ إحضار الروح یدلّ بوضوح على أنّ الأرواح بعد انفصالها عن الأجسام تستقر فی عالم خاص بها، وتحافظ على بقائها وتتصف بسعة الإدراک هناک، حتّى أنّها تبوح بشیءمن علمها عن طریق اتصالها بالناس الموجودین فی هذا العالم.

إنّ الذین تلقّوا نداءات من الأرواح هم کثیرون، وکذلک الذین ادّعوا بأنّهم شاهدوا الروح فی «قالب مثالی»، ونحن لا نقول: إنّ جمیع هذه الادعاءات صحیحة، وذلک لأنّ الکذابین والمحتـالین المنحرفـین کثیراً ما استغـلوا هـذه المسـألة لتمریر اغراضهم، لکن هذا لا یدعو إلى الانکار، والشک فی صحة هذا الموضوع المدعوم بالتجربة والعلم، وذلک لکثرة ما أخبر به الثقات عن نتائج تجاربهـم فی هذا المجال، ولکثرة ما کتبه العلماء الکبار والمجامع العلمیة فی هذا المیدان، ممّا لا یبقی محلا للانکار فی أصل المسألة، وقد بلغت من الکثره ما لو حاولنا ذکر زاویة منها لطال الحدیث عنها کثیراً(1).

بناءً على هذا یمکننا عن هذا الطریق أیضاً، أن نثبت وجود عالم البرزخ.

1. راجع کتابنا «عود أرواح وارتباط أرواح» لکسب توضیحات أکثر.