بعد أن تعرضنا للتعبیرات العامة التی أوردناها فی البحث الماضی نلاحظ أنّ القرآن انتخب «للمعاد» اسماءً کثیرةً تشیر جمیعها إلى جزئیات أوصاف ذلک الیوم العظیم، والمسألة الملفتة للنظر هی أنّ القرآن المجید لا یعبّر عن القیامة بتعبیر واحد وذلک بسبب ما یظهر فی یوم القیامة من حوادث مختلفة ومتنوعة کثیرة، وکل واحد من تلک الأحداث تمثّل وجهاً وبعداً من أبعاد ذلک الیوم.
إنّ القرآن ومن أجل توضیح هذه الخصائص والممیزات، ذات الآثار التربویة العمیقة استخدم أسماءً متنوعة; وذلک لإعطاء صورة دقیقة من خلال الآیات لذلک الیوم العظیم والأحداث المهیبة جدّاً.
ولا شک أنّ المقصود من «الاسم» هنا لیس هو «الاسم العَلَم الشخصی» بل ما هو أوسع معنىً والذی یشمل «الأسماء الوصفیة» أیضاً، أی العناوین التی تعبّر عن صفات ذلک الیوم وممیزات تلک الحیاة.
بعد هذه الإشارة نذهب لنتعرف على أسماء القیامة فی القرآن، ونودّ أن نذکّر القّراء الکرام ثانیةً بهذه المسألة وهی أنّ التعمّق فی هذه الأسماء له آثار تربویة عمیقة وله تأثیر کبیر فی تهذیب النفوس وإصلاح القلوب والدعوة إلى التقوى والردع عن ارتکاب السیئات فی الصحوة والغفلة.
قال المرحوم «الفیض الکاشانی» فی «المحجّة البیضاء»: «... تحت کل اسم من أسماء القیامة سرّ، وفی کلّ نعت من نعوتها معنى، فاحرص على معرفة معانیها، ونحن الآن نجمع لک أسامیها...». ثم ذکر مائة اسم لیوم القیامة(1).
ولم یأت ذکر هذه الأسماء جمیعها فی القرآن المجید، بل استُخرجَ قسم منها من الأحادیث الشریفة، لذلک فهی خارجة عن بحثنا التفسیری، ونحن لا نتابع فعلا إلاّ اسماء القیامة الواردة فی القرآن. هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنّ الأسماء التی ذکرها الفیض الکاشانی لم ترد لا فی صریح القرآن ولا فی صریح الأحادیث، بل هی استنباطات إجمالیة من الکتاب والسنّة، لذا من الأفضل متابعة الأسماء التی صُرِّح بها فی القرآن المجید (ولیس المهم أن تکون تلک الأسماء من الأسماء الخاصة التی لها عدد محدّد أو ممّا یقصد بها الوصف والبیان لخصوصیات ذلک الیوم).
ویمکن تقسیم تلک الأسماء إلى ثلاثة أقسام:
1. المحجّة البیضاء، ج 8، ص 331.
