هل یمکن للعاقل أن یعتبر الأیّام المعدودة من هذه الحیاة هی الهدف من الخلق؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الخامس)
الحیاة بلا معاد لامعنى لهاتمهید

إنّ ممّا لا ریب فیه أنّ العالم الذی نعیش فیه عظیم جدّاً ودقیق ومنظم، فالکرة الأرضیة هی إحدى کواکب المنظومة الشمسیة، ثم المنظومة الشمسیة بدورها تعتبر أحد اجزاء المجرّة، ومجرّتنا أیضاً واحدة من المجرّات اللامتناهیة فی العدد الموجودة فی هذا العالم.

جاء فی کتاب (جولة فی أعماق العالم) لمؤلفه البروفسور «کارل فلیسیس» الذی یسافر إلى أطراف هذا الکون الفسیح عبر أجنحة الخیال:

«إنّ هذه المجموعات الضخمة التی تدور حول محورها تسبح فی الفضاء بفواصل عظیمة جدّاً ممّا یجعل تصورها أمراً عسیراً.

فکل واحدة من هذه المجرّات تتألف من عدّة ملیاردات من النجوم، والمسافة الفاصلة بین هذه النجوم تبلغ من العظمة حداً، أحیاناً یحتاج النور (مع مالدیه من سرعة هائلة) لاجتیاز هذه الفواصل الموجودة بین نجمتین متقابلتین واقعتین فی محیط تلک المجرّة إلى مئات السنین من الزمان»(1).

وإذا أضفنا لهذا الکلام هذه الجملة وهی: إنّ علماء الفلک المعاصرین توصلوا من خلال تحقیقاتهم إلى أنّ ما تحتویه مجرّتنا من النجوم یقارب مائة ملیارد نجمة على الأقل، وما توصل إلیه العلم الحدیث هو اکتشاف ألف ملیون مجرّة فی هذا العالم، ـ هذا من ناحیة العظمة ـ .

وأمّا من ناحیة الدقّة الموجودة فی کل جزء من أجزاء هذا العالم فإننا إذا قارنّا الدقّة الموجودة فی خلیة واحدة بالدقّة الموجودة فی مدینة صناعیة کبیرة بجمیع ما تحتویه من مصانع فسوف یمکننا حینذاک تصور هذه الدقّة.

ومن بین المخلوقات یعتبر الإنسان أکمل الموجودات التی نعرفها على أقل تقدیر، لما فیه من نظام خاص للروح وللجسم، ولاحتوائه على العجائب والدقة والظرافة، فإذا کانت جوهرة عالم الخلق (أی الإنسان) هی عبارة عن عیشه لأیام معدودة فی هذا العالم لقضاء حیاته فی دور الطفولة والضعف حیناً وفی دور الشیخوخة والعجز حیناً آخر وتتأرجح به أمواج الشباب مدّة وفی مدّة اُخرى یکون سالماً وأخرى مریضاً ویقضی أکثر مدّة حیاته فی توفیر متطلباته الحیاتیة التی تتلخص فی «الغذاء والنوم» ثم فی نهایة المطاف یموت ویفنى، فیاله من أمر قبیح وبعید عن الحکمة، فإننا عندما نقول: إنّ الله حکیم فهذا یعنی أنّ جمیع أفعاله مطابقة للحکمة، أوَ لیس من الحکمة أن تکون جمیع أفعاله ذات أهداف واضحة ومبرمجة؟ وهل یجوز أن یکون هدفه جلب النفع لنفسه مع أنّه غنی من جمیع الجهات ولدیه جمیع الکمالات من غیر أن تکون محدودة بحد، فإن کان النفع من أفعاله لا یعود على العباد فمن البدیهی أن لا تکون تلک الحیاة المادیّة المحدودة فی هذه الدنیا هی الهدف الرئیسی من هذا الخلق العظیم، تلک الحیاة التی ینطفىء بصیصها فی طرفة عین.

ألیس مثل هذا کمثل المهندس الذی یصنع محرکاً صناعیاً عظیماً ودقیقاً خلال سنین متمادیة فیحطمه فور تشغیله والانتهاء منه؟ فهل هذا من الحکمة؟

ألا یشبه هذا الأمر أن نقوم بتربیة طفل فی رحم صناعی وبذل جهود مضنیة فی سبیل ذلک حتى یوشک على الاکتمال ویستعد للحیاة فنعمد إلى قتله!

إنّ المادیین الذین لا یؤمنون بالله والمعاد، یرون أنّ الحیاة غیر هادفة وأنّها خالیة من أیّ مفهوم، وهم محقیّن فی ذلک بهذه النظرة! لأنّ الحیاة عند تجریدها عن المعاد تصبح غیر هادفة وعدیمة المعنى.

لذا فإنّ من آمن بالله وحکمته لیس له إلاّ الإقرار بأنّ حیاة الإنسان لا تنتهی بالموت، وإنّ هذا العالم یشبه رحم الأم الذی یحمل الإنسان ویُعده للخروج إلى عالم آخر، ومن البدیهی أنّ الحیاة داخل رحم الأم لا تُعتبر الهدف النهائی، بل تُعتبر مقدمة لحیاة اُخرى أوسع.


1. جولة فی أعماق العالم، ص 8.

 

الحیاة بلا معاد لامعنى لهاتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma