الطریق الآخر لإثبات امکان اعادة الخلق مرة أُخرى فی یوم القیامة هو ثبوت القدرة الإلهیّة غیر المحدودة.

لأنّ البحث عن المعاد یأتی بعد إثبات أصل التوحید وقبوله والتصدیق بالصفات الثبوتیة والاُخرى السلبیة للحق تعالى، نحن نعلم بأنّ أحد صفاته الثبوتیة هی «القدرة المطلقة» وهیمنته على کل شیء، وأنّ أفضل طریق لإثبات قدرته هی التمعن فی عظمه عالم الخلق، بالإضافة إلى أنّ واجب الوجود له وجود غیر محدود فمن الطبیعی أن تکون قدرته غیر محدودة أیضاً.

إنّ سعة السماواتِ وعظمة المنظومات السماویة وعظمة المجرّات وکثرة الکواکب المحوریة والسیارات التی تدور حولها وتنوّع المخلوقات الحیّة من نباتات وحیوانات والأعمال الدقیقة العجیبة التی تؤدّیها الخلایا الحیّة ومکوّنات الذرّة، کل هذه الاُمور دلیل على القدرة اللامتناهیة لله تعالى.

فعند الاعتقاد بهذه الاُمور وتصدیقها لا یبقى مورد للشکِّ والتردید فی من هو القادر على إحیاء العظام الرمیم؟ أو کیف یمکن للتراب المنتشر أنْ یُجمعَ ویلبس ثوب الحیاة؟!

لقد کانت هذه نبذة مختصرة عن المواضیع التی سنبحثها فی هذا الباب، وقد اُشیر إلى هذه المواضیع فی آیات متعددة من القرآن الکریم، وقبل أن نعطی توضیحاً أکثر نتأمل أولا فی هذه الآیات خاشعین:

1 ـ (لَخَلْقُ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ اَکبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَکِنَّ اَکْثَرَ النَّاسِ لاَیَعلَمُونَ). (المؤمن / 57)

2 ـ (أَوَلَمْ یَرَوا اَنَّ اللّهَ الَّذِى خَلَقَ السَّموَاتِ وَالاَْرْضَ قَادِرٌ عَلَى اَن یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ اَجَلا لاَّرَیْبَ فِیهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ کُفُوراً). (الاسراء / 99)

3 ـ (اَوَلَمْ یَرَوا أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَ السَّموَاتِ وَالاَرْضَ وَلَم یَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِر عَلَى اَن یُحْیِىَ المَوْتَى بَلَى اِنَّهُ عَلَى کُلِّ شَىء قَدِیرٌ). (الاحقاف / 33)

4 ـ (اَوَلَیْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّموَاتِ وَالاَْرْضَ بِقَادِر عَلَى اَنْ یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِیمُ). (یس / 81)

5 ـ (قُلْ سِیرُوا فِی الاَْرْضِ فَانْظُرُوا کَیْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ یُنْشِئُ النَّشْأَةَ الاْخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلَى کُلِّ شَىء قَدِیرٌ)(1). (العنکبوت / 20)

1. أشیر إلى هذا المعنى فی آیات اُخرى أیضاً مثل الآیة 9 من سورة الشورى; والآیة 2 من الحدید.