الجواب النهائی لشبهة الآکل والمأکول

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الخامس)
2 ـ شبهة الآکل والمأکول3 ـ شحّة العناصر الترابیة على سطح الأرض

إنّ الجواب المتین الذی أُجیب به عن هذه الشبهة یحتاج إلى ذکر عدّة مقدمات:

1 ـ نحن نعلم بأنّ أجزاء بدن الإنسان منذ مراحل الطفولة وحتى نهایة العمر تتبدّل عدّة مرات، وهذا التبدّل یشمل خلایا المخ أیضاً على الرغم من أنّ البعض یرى أنّ عددها ثابت إلاّ أنّ محتواها متغیّر، وذلک لأنها تحتاج إلى «التغذیة» من جهة و«تتحلل» وتتفسخ من جهة اُخرى، وهذان الأمران هما السبب فی تبدّل محتویاتهابأکملها على مرّ الزمان.

والخلاصة: إنّه بمرور سبع سنین تقریباً لا یبقى أیّ أثر لخلایا الجسم السابقة وتحلّ محلّها خلایا جدیدة.

ولکن یجب الالتفات إلى أنّ الخلایا السابقة عندما تموت تعطی جمیع ما تحمله من صفات وخواص وآثار للخلایا الجدیدة، لذا فإنّ خصوصیات جسم الإنسان من لون وشکل ومواصفات جسمیة اُخرى تبقى ثابتة على مرّ الزمان، وهذا لا یتمّ إلاّ بانتقال صفات الخلایا القدیمة إلى الخلایا الجدیدة، (فتأمّل).

بناءً على هذا سوف تحمل أجزاء جسم الإنسان الأخیرة ـ عند الموت والتی سوف تتحول إلى تراب ـ جمیع الصفات التی کان یتصف بها الإنسان طوال عمره وفی طیاتها تاریخ ناطق بجمیع فعالیات جسم الإنسان التی أدّاها خلال فترة حیاته!

2 ـ رغم کون الروح هی الأساس فی تحقق شخصیة الإنسان ولکن یجب الالتفات إلى أنّ الروح تنمو وتتکامل بموازاة نمو وتکامل الجسم، وإن کلا منهما له تأثیر متبادل على الآخر، وبما أنّ الجسمین المستقلین عن بعضهما لا یوجد بینهما شبه من جمیع الجهات فإنّ الروحین المستقلّتین لا تتشابهان أیضاً بصورة تامّة، لذا لا یمکن لأیّ روح ممارسة نشاطاتها بصورة تامة بدون الجسم الذی نمت وتکاملت بموازاته، على هذا یجب أن یعاد یوم القیامة عین ذلک الجسم الذی کانت تحلّ فیه تلک الروح لتمارس نشاطها بعد حلولها بذلک الجسم على مستوى أرقى لتتمتع بنتائج الأعمال التی ارتکبها.

3 ـ کل خلیّة من خلایا الجسم تحمل جمیع خصوصیات ذلک الجسم، فلو تمکنّا من تربیة ایّ خلیة من خلایا الجسم وتنمیتها لتتحوّل إلى إنسان کامل فإنّ ذلک الإنسان الجدید سوف یحمل جمیع الخصوصیات التی کانت تحملها تلک الخلیة والتی ورثتها من الإنسان السابق، (فتأمّل).

أوَلَم یکن الإنسان فی یومه الأول خلیة واحدة؟ فتلک النطفة کانت عبارة عن خلیة واحدة کانت تحمل جمیع صفات ذلک الإنسان ونمت بالتدریج عن طریق الانشطار إلى خلیتین ثم إلى اربع وهکذا حتى تکوّنت منها جمیع خلایا بدن الإنسان. بناءً على هذا فإنّ کل خلیة من خلایا الإنسان هی فرعٌ من تلک الخلیة الاُولى ولو أنّها نمت وتکاملت مثل سابقتها لأصبحت إنساناً یشبه الإنسان السابق ویحمل صفاته من جمیع الجهات.

4 ـ یُستفاد من آیات القرآن فی مجال المعاد الجسمانی أنّ جسم الإنسان الاخیر الذی تحول إلى تراب فی القبر یحیى بأمر الله ویُعدّ للجزاء.

ویؤید هذا المعنى الآیات العدیدة التی أشرنا إلیها سابقاً فی مجال المعاد الجسمانی.

5 ـ لا یمکن لجسم ما أن یحلّ بجسم آخر بصورة تامّة، وبتعبیر آخر لا یمکن أن یصبح الجسم الثانی عین الجسم الأول، بل قد یشکل الجسم الأول قسماً من الجسم الثانی، وذلک لأنّ هذا الأمر لا یتمّ إلاّ بوجود الجسم الثانی أولا کی یتحول الجسم الأول ـ أو قسم منه ـ إلى جزء من الجسم الثانی عن طریق التجزئة.

بناءً على هذا لا یوجد أىّ مانع من حلول جسم بصورة کاملة فی جسم ثان ویصبح «جزءاً» منه، ولکن المستحیل أن یصبح «جمیع» أجزاء الجسم الثانی، کما یُحتمل حلول أجسام متعددة فی جسم آخر لکنها لا یمکن أن تصبح جمیع أجزائه، (فتأمل).

وبعد طرح هذه المقدّمات الخمس نتجه للجواب الرئیسی فی الرد على شبهة الآکل والمأکول:

یقول القرآن بکل وضوح: إنّ مکونات جسم الإنسان التی یمتلکها عند الموت هی التی تبعث یوم القیامة، بناءً على هذا فلو حلّت هذه الأجـزاء بعد تحولها إلى تراب فی جسم إنسان آخر فإنّها سوف تعاد إلى صاحبها الأول یوم القیامة، لکن قد تقولون إنّ جسم الإنسان الثانی سیصبح ناقصاً لأنّه فقد قسماً من مکوناته. إلاّ أنّهُ من الأفضل أن یقال إنّ جسم الإنسان الثانی سوف یضمر (لا أن یکون ناقصاً) لأنّ أجزاء جسم الإنسان الأول بعد أن تغذّى علیها الإنسان الثانی قد انتشرت فی جمیع أعضاء بدنه لا أنّها حلت فی مکان معین من بدنه (لأنّ الغذاء الذی یتناوله الإنسان یوزّع على جمیع أعضاء البدن)، بناءً على هذا فإنّه من الممکن أن یفقد الإنسان الذی وزنه سبعون کیلو غرام مثلا نصف وزنه أو أن یفقد جمیع مکوناته باستثناء کیلو غرام واحد منها أو حتى أقل من ذلک ولا یبقى منه إلاّ جسم صغیر بحجم جسمه الذی ولد به أو بحجم جسمه عندما کان جنیناً!.

ومع ذلک فإننا لا نواجه أیّة مشکلة، وذلک لأنّ الجسم الصغیر یحمل فـی طیاته جمیع خصوصیات ذلک الجسـم الکبیر، فإذا مـا نـما فسوف یـعود عین ذلک الجسم الکبیر.

فالمولود فی یومه الأول لا یمتلک إلاّ جسماً صغیراً وقبل ذلک أی عندما کان جنیناً کان جسمه أصغر من ذلک فنما وکبُر حتى اصبح یحمل صفات الإنسان الکامل من دون أن تتبدّل شخصیته ویتحول إلى شخص آخر.

والسؤال الوحید الذی ظل من دون اجابة هو: ما هو مصیر الأجزاء التی أصبحت جزءً لجسمین أو عدّة أجسام إذا کان أحد صاحبیها مطیعاً والآخر مذنباً؟

والجواب عن هذا السؤال أمرٌ یسیرٌ أیضاً، لأنّه کما أشرنا سابقاً فإنّ الثواب والعقاب فی الحقیقة یتعلقان بالروح، والدلیل على ذلک هو عندما ینقطع الارتباط الموجود بین الروح والجسم بسبب فقدان الوعی بعد ممارسة عملیة التخدیر فإننا نرى أنّ الروح لا تتأثّر عند استخدام المَشرط الحاد حتى لو قطّع الجسم إرباً.

وبتعبیر آخر: إنّ الثواب والعقاب واللذة والألم لا یختصان بالجسم بل لیس الجسم إلاّ واسطة لإیصال آثار الثواب والعقاب واللذة والألم إلى روح الإنسان.

بهذا یتضح أنّ المعاد الجسمانی ـ طبقاً لظاهر الآیات ـ یتحقق بعین هذا الجسم المؤلف من العناصر المادیة، وحتى لو فرضنا أنّ شبهة الآکل والمأکول ترد على هذا الاستدلال فإنها سوف لن تخدش فیه أیضاً.

ومن الجدیر بالذکر أنّ بعض منکری المعاد الجسمانی سعوا إلى تغطیة حقیقة آرائهم فی الأوساط الإسلامیة لتبریر جحودهم الواضح مخالفة للآیات القرانیة وجاءوا بتعبیرات فی مجال المعاد الجسمانی تدل فی الواقع على أنّ المعاد یتحقق بالروح فقط أو بالروح مع جسم مادی غیر هذا الجسم.

فتمسکوا أحیاناً بالجسم النوعی وقالوا: إنّ شخصیة الإنسان تتمثل بروحه وهذه الروح إذا ما تعلقت بجسم ما فسوف تشکل نفس ذلک الشخص.

وقالوا أحیاناً بإعادة الجسم البرزخی أی الجسم النورانی اللطیف.

وتارةً قالوا: إنّ شیئیة الشی ووجوده یکمنان فی صورته لا فی مادته، فحیثُما وُجِدَتْ الصورة وُجِدَ ذلک الشی، وإنّ روح الإنسان هی قوام هذه الصورة، بناءً على هذا فأینما وُجِدَتْ روح الإنسان فسوف تتحقق شیئیته ووجوده.

لکن هذه التعبیرات جمیعها لا تتلائم مع تعبیرات القرآن الواردة فی مجال المعاد الجسمانی، والسبب فی سلوک هؤلاء هذا الطریق هو ولعهم بکلام بعض الفلاسفة وعجزهم عن حلّ معضلة شبهة الآکل والمأکول، وهذا ممّا لا یلیق بالعالم المسلم الذی یتمسک بتعالیم القرآن.

 

2 ـ شبهة الآکل والمأکول3 ـ شحّة العناصر الترابیة على سطح الأرض
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma