الإیمان بالمعاد وتأثیره على الثبات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الخامس)
الإیمان بالمعاد هو المحفِّز على عمل الصالحات:إنکار المعاد هو السبب الرئیسی لاقتحام الفجور

وفی الآیة الرابعة جاء الحدیث عن تأثیر الإیمان بالمعاد فی الثبات والصمود أمام الأعداء فی سوح الجهاد، وهی تنقل ما جاء على لسان قوم من مؤمنی بنی اسرائیل الذین رافقوا «طالوت» (قائد الجند الّذی نُصِّب من قبل الباری تعالى) فی حربهم مع «جالوت» الملک الظالم، وبعد خوضهم لامتحان صعب تخلّف فریق منهم ولم یبقَ فی ساحة القتال إلاّ عـدد ضئیل، ثـم إنّ هذا العدد الضئیل انقسـم بدوره إلـى قسمین، فقسم منهـم استحوذَ علیهم الخوف والهلع فقالوا: (قـَالُوا لاَ طـَاقَةَ لَنَا الیَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ). (البقرة /249)

وفی قبال هذا القسم، قسم آخر کانوا یعلمون بأنّهم ملاقو الله حیث قالوا: (قَال الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُوا اللهِ کَمْ مِنْ فِئَة قَلِیلَة غَلَبَتْ فِئَةً کَثیرةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرینَ).

والتعبیر بـ «یظنون» ـ على رأی کثیر من المفسرین ـ وَرَدَ هنا بمعنى «الیقین بقیام یوم القیامة» وهو کذلک; لأنّ هذا الحدیث صدر عن الذین خاضوا مختلف أنواع الامتحانات، ثم دخلوا ساحة الجهاد بإیمان راسخ.

ولا یخفى أنّ «الظنَّ» بمعنى الاعتقاد الناشىء من الأدلة والشواهد، وکلّما کانت الأدلة قویة، فإنّه سوف ینتهی إلى العلم وکلّما ضعفت شواهده فإنّه لایتجاوز حدّ الوهم.

وقال بعض المفسرین أیضاً: إنّ الظن هنا لا یصل حدّ العلم، لکن «لقاء الله» لم یأتِ هنا بمعنى القیامة، بل جاء بمعنى الشهادة فی سبیل الله، أی أنّ هذا الحدیث کان صادراً عن الذین کانوا یظنّون بأنهم سوف ینالون وسام الشهادة الرفیع.

لکنّ هذا المعنى بعید جدّاً، وذلک لأنّه لا یتناسب مع «غلبة الفئة القلیلة على الفئة الکثیرة»، بالإضافة إلى أنّ «لقاء الله» الذی ذُکِر فی آیات القرآن یدل عادةً على القیامة لا على الموت أو الشهادة.

وعلى أیّة حال فمن البدیهی أنّ الذین یؤمنون بالقیامة لا یعتبرون الموت نهایة الحیاة أبداً، بل یعتبرونه بدایة حیاة أرقى فمثل هؤلاء لا یخافون الموت بل یذهبون لاستقباله بکل شجاعة وشهامة.

والآیة الخامسة تتضمّن ما جاء على لسان سحرة فرعون عندما آمنوا بموسى(علیه السلام)، بعد أن هددهم فرعون بالعذاب الألیم والتقتیل، قـال تعـالى نـقلا عن لسـانهم: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاض إِنَّمَا تَقْضِى هَذِهِ الحَیَاةَ الدُّنْیَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِیَغفِرَ لَنَا خَطَایَانَا وَمَا أَکْرَهْتَنَا عَلَیْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَیرٌ وَأَبْقَى).

إنّ الإیمان بالقیامة وعدم الإکتراث بقیمة الحیاة الدنیا، دفع بالسحرةِ الفراعنة أن یمارسوا أقوى درجات الإیثار والتضحیة، فقد صرفوا أنظارهم عن جمیع ما أعدّه لهم فرعون من الهدایا، وصرفوا أنظارهم عن جمیع المادیّات وذهبوا لاستقبال القتل والتنکیل، و وقفوا بکل صلابة أمام استفزازات ذلک الطاغیة الجبّار، وشربوا شهد الشهادة بکل شجاعة.

أجل عنـدما یبرق الإیمان بالمعاد فی القلوب، فإنّه یؤجج النّار فیها بنحو لا ینفع معـه أیّ تهدید، فیفقد کل شی أهمیته فی نظر الإنسان إلاّ الله ولقاء الآخرة ونعیمها الخالد.

إنّ هذا الإیمان القوی المتقد بدّلَ السحرة الذین کانوا بالأمس عبید الدنیا وکانوا أذلة متملقین بدّلهم الیوم وحولهم إلى رجال أقویاء وشجعان صامدین(1).

والتعبیر ب(الحَیَاةَ الدُّنْیَا) هو دلیل على إیمانهم بالحیاة الآخرة الخالدة السامیة، والآیات التی تتلو هذه الآیة أیضاً قد صرحت بوضوح أکثر على إیمان هؤلاء بالدار الآخرة ومحکمة العدل الإلهی، والجنّة والسعیر والدرجات المختلفة لأصحاب الجنّة وأنواع النعم الخالدة فی الجنّة.


1. ذُکِرَ فی تفسیر جمله «والذی فطرنا» احتمالان الأول أنّ الجملة تدل على القسم ـ کما ذکرنا فی تفسیرها أعلاه ـ والثانی أنّ الجملة معطوفة على جملة سابقة، ففی هذه الحالة یصبح المعنى بهذا النحو: «قالوا لن نؤثرک على ما جاءنا من البینات وعلى الذی فطرنا» لکنّ المعنى الأول أقرب على الأخص إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ السحرة فی عدّة آیات کانوا یقسمون بعزّة فرعون، وهنا أقسموا بخالق جمیع البشر!.

 

الإیمان بالمعاد هو المحفِّز على عمل الصالحات:إنکار المعاد هو السبب الرئیسی لاقتحام الفجور
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma