هـذا التعبیر من التعبیرات الرهیبة أیضاً، وقد ورد ذکره مرّة واحدة فی القرآن المجیـد، قال تعـالى: (وَ یَوْمَ یَعَضُّ الظـَّالِمُ عَلَـى یَدَیْـهِ یَقُـولُ یَالَیْتَنِـى اتَّخَـذْتُ مَـعَ الرَّسُولِ سَبِیلا) ثم أعقبه تعالى (یَاوَیْلَتَـى لَیْتَنِى لَـمْ أَتَّخِـذ فُلاَناً خَلِیلا). (الفرقان / 27 ـ 28)
یعضُّ الإنسان أحیاناً على أصابعه عند الندم للتأسُّفِ الشدید من الأعمال الماضیة، ویعضُّ أحیاناً على ظاهر کفّه أیضاً، وعندما یکون الندم والتحسّر شدیداً جدّاً فإنّه یعضٌّ على کلتـا یدیه بالتنـاوب، وهذا أروعُ تعبیر لبیان شدّة الندامة والأسف.
بلى إنّ الظالمین یعضّون على أیدیهم فی ذلک الیوم العظیم بصورة مستمرّة، لأننا نعلم بأنّ أحد أسماء ذلک الیوم هو: (یَوْمُ الْحَسْرَة). (مریم / 39)
ولکن ما الفائدة من ذلک؟ هل أنّ إدماءَ الأیدی بالأسنان والذی هو نوع من الانتقام من النفس یصلح لحلّ المشکلة، أو لجلب الاطمئنان؟ أم یزیدُ من ألم الظالمین ویجعل فضیحتهم اشنع؟!
جاء فی تفسیر «المیزان» إن «الظالم» فی هذه الآیة یشمل جمیع الظالمین، کما أنّ «الرسول» أیضاً یشمل جمیع الرُّسُل، (أی اللام فیهما للاستغراق) وإن کان الخطاب فی هذه الآیة موجهاً إلى ظالمی هذه الامة والمراد من الرسول هو رسول الله محمد بن عبدالله(صلى الله علیه وآله).
وقد ذکروا أسباباً مختلفة لنزول هذه الآیة یطول تفصیلها، ولکننا نعتقد بأنّ أسباب النزول لا تحدد مفهوم الآیات(1).