عندما تموت الکائنات الحیة فی هذا العالم المترامی الاطراف تُخَلِّف وراءها دائماً بقایا وآثاراً، لکن بالنسبة لتبدد الطاقة فالأمرُ عجیب، لأنّها فی الظاهر عندما تتلاشى تفنى کلیاً فلا یبقى لها أیّ اثر، فلو لاحظنا الشمس کمثال لکلامنا هذا لوجدنا ضوءها وحرارتها هما عبارة عن طاقة تبعثها نحو کرتنا الأرضیة والسیارات الاُخرى التابعة للمنظومة الشمسیة، وبعد انحسار الإشعاع تفنى تلک الطاقة ولایبقى لها ایّ أثر، وإذا لم یستمر مصدر الإشعاع أی الشمس على إرسال الأشعة، فإنّه سوف لن یبقى أثر للنور والضوء وتفنى الحرارة.
لکنّ العلم الحدیث أثبت بأنّ الطاقة أیضاً لا تفنى بالکامل، بل تَکمُن وتتحوّل من حالة إلى اُخرى، وعندما تتوفر الظروف المناسبة فإنّها تعود ثانیاً وتُبعث من جدید بصورة عظیمة.
المثیر للدّهشه هو أنّ القرآن المجید من أجل إثبات مسألة إمکان المعاد یعتمد على هذه المسألة، ویتخذ من تحوُّل الطاقة الضوئیِة والحراریة فی هذا العالم دلیلا على القیامة العظمى الحاصلة للبشر فی العالم الآخر.
وبعد هذه الإشارة الوجیزة نذهب إلى آیات القرآن ونتأمل فیها خاشعین کی تتّضحَ لنا تلک الحقیقة:
1 ـ (قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِى أَنشَأَهَا اَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِکُلِّ خَلْق عَلِیمٌ * اَلَّذِى جَعَلَ لَکُمْ مِّنَ الشَّجَرِ الاَْخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُمْ مِّنهُ تُوقِدُونَ). (یس/ 79 ـ 80)
2 ـ (اَفَرَأَیتُمُ النَّارَ الَّتِى تُورُونَ * ءَأَنتُم أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا اَمْ نَحْنُ المُنشِئُونَ * نَحنُ جَعَلنَاهَا تَذْکِرَةً وَمَتَاعاً لِّلمُقوِینَ). (الواقعة/ 71 ـ 73)
