الإیمان بالمعاد هو المحفِّز على عمل الصالحات:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الخامس)
تمهیدالإیمان بالمعاد وتأثیره على الثبات

لقد عکست لنا الآیة الاُولى الرابطة الوثیقة بین الإیمان بالآخرة والعمل الصالح، قال تعالى: (فَمَنْ کَانَ یَرْجُو لَقَاءَ رَبِّهِ فَلْیعْمَلْ عَمَلا صَالِحاً وَلاَ یُشْرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).

فالایمان بالآخرة طبقاً لمفاد هذه الآیة یمکنه فی الواقع أن یؤثّر فی الإنسان من جهتین، الاُولى هی حثّه على العمل الصالح، والاُخرى على الإخلاص فی العبودیة. والظریف هو أنّ هذه الآیة اطلقت على یوم القیامة عنوان «لقاء الله»، ونحن نعلم بأنّ هذا اللقاء المعنوی والشهود الباطنی هو قمّة التکامل بالنسبة للبشر، وتذکّر ذلک الیوم بإمکانه أن یوجد دوافعاً للاخلاص الکامل والعمل الصالح. (وقد اصطلحوا على هذا بتعلیق الحکم على وصف مشعر بالعلیة).

وهذه الملاحظة أیضاً جدیرة بالإهتمام، وهی أنّ التطرّق إلى رجاء المعاد بدل الیقین به، إشارة إلى أنّ مسألة المعاد، بدرجه بحیث إنّه حتى الرجاء بتحقُّقِهِ یکفی لوحده لکی یکون منبعاً لمثل هذه الآثار(1).

وبالإضافة إلى ذلک فإنّ الإتیان بصیغة المضارع (یَرْجُو) التی تدل على الاستمراریة، ثم الإتیان بعدها بالأمر بالعمل الصالح والإخلاص بصورة مطلقة، کل ذلک من أجل الدلالة على أنّ ذلک الرجاء وهذا العمل مقترنان ویحاذیان بعضهما على الدوام.

کما یمکن الکشف عن هذه المسألة الظریفة من هذه الآیة أیضاً وهی أنّ القرآن شبّه العباد بالمسافرین الّذین یعودون لیلاقوا محبوبهم بعد انصرام مدّة الفراق، ومن البدیهی أنّه یجب علیهم بأن یأتوا معهم بهدایا وأن یتصرّفوا بما یلیق بهذا اللقاء کی لا یقفوا خجلین بین یدی الحبیب.

جاء فی بعض التفاسیر فی سبب نزول هذه الآیة: إنّ رجلا أتى النبی(صلى الله علیه وآله) وقال: إننی أحب الجهاد فی سبیل الله ولکنّی أحبُّ أن أبرز ما لدیّ من مفاخر أمام الآخرین، فنزلت هذه الآیة (وأکّدت على الإخلاص فی العمل).

وجاء فی روایة اُخرى فی سبب نزول هذه الآیة أَنّ رجـلا أتـى النبی(صلى الله علیه وآله)فقال: یارسول الله إنّی أتصدق وأصل الرحم ولا أصنع ذلک إلاّ لله تعالى فیذکر ذلک منی وأحمد علیه فیسّرنی ذلک وأعجب به، فسکت رسول الله(صلى الله علیه وآله) ولم یقل شیئاً، فـأنزل الله تعـالى: (فَمَنْ کـَانَ یَـرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْیعْمَلْ عَمَلا صـَالِحاً وَلاَ یُشْرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(2).

إنّ هذه الروایات الواردة فی سبب نزول الآیة تدل بوضوح على أنّ الإخلاص التام یعتبر اساس العبادة والعمل الصالح... الإخلاص الذی لا یشوبه شیء من الریاء ولا یحتوی على ایّ نوع من أنواع الشرک.

والآیة الثانیة تتحدّث عن القصة المعروفة وهی نذر اهل بیت النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) صیام ثلاثة أیّام واهداؤه طعام الافطار إلى «المسکین» و«الیتیم» و«الأسیر»، وهذه الآیة تشیر بوضوح إلى هذه الحقیقة وهی أنّ هذا الایثار الذی لا مثیل له ینبع من الإیمان بالمعاد، قال تعالى: (وَیُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْکِیناً وَیَتِیماً وَأَسِیراً * إِنَّمَا نُطْعِمُکُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَنُریدُ مِنْکُمْ جَزَاءً وَلاَشُکُوراً * إِنا نَخَافُ مِنْ رَّبِّنَا یَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِیراً)(3).

أجل إنّ من یخاف الله ویخاف یوم الجزاء، لا ینفق ممّا فَضَل عن حاجته فحسب، بل ینفق ممّا هو بأمسّ الحاجة إلیه وذلک فی سبیل الحبیب الذی لا مثیل له، هذا بالإضافة إلى أنّه ینفقه بإخلاص تام، ولا ینفقه من أجل الحصول على مکافأة أو اظهار الشکر على لسان من أحسَن إلیهم، وهذا انّما یدل على أنّ الإیمان بذلک الیوم العظیم هو محفّز قوی لعمل الصالحات والإخلاص فی النیّة.

وممّا یجدر بالذکر هنا هو أنّ الآیة السابقة تحدثت عن تأثیر الرجاء والأمل بتحقق القیامة، على الإخلاص وعمل الصالحات، وفـی الآیة الثانیة جاء الحدیث عن تأثیر الخوف من ذلک الیوم، فعند الجمع یتشکَّلُ لدینا رکنان اساسیان للحثّ على العمل الصالح والإخلاص وهما (الرجاء والخوف).

والآیة الثالثة تنقل ما جاء على لسان رجل مؤمن نهض فی انطاکیا للدفاع عن مبعـوثی المسیح(علیه السلام)، ولیهدی أهل تلک المنطقة للسیر علـى خطى اُولـئک السفراء، إنّ هذا الرجل کان یقول خلال دعوته للناس وکما قال تعالى: (وَمَالِىَ لاَ أَعبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى وَإِلَیْهِ تُرْجَعُونَ).

فهو فی الحقیقة ذکر خلال دعوته دلیلین على وجوب العبودیة للرب وهما:

أولا: لأنّه خلقنا وأنّ وجودنا وعلمنا وقدرتنا کلّها منه.

وثانیاً: أنّه هناک دنیا اُخرى أمامنا سوف یلحق بها الجمیع، ویمتثلُ الکل بین یدی الله تعالى ومحکمته العادلة.

والملفتُ للنظر هو أنّه نسب الخلق واعطاء المواهب إلى نفسه، أمّا بالنسبة للمعاد والقیامة فقد نسبها إلیهم، وهذا یدلّ على أنّ المورد الأول یتضمّن شکره للنعمة، والمورد الثانی یتضمن تهدید المخالفین من عذاب الله یوم القیامة.


1. تفسیر المیزان، ج 13، ص 406.
2. تفسیر القرطبی، ج 6، ص 4109.
3. «عبوس» بمعنى متقطّب الوجه و«قمطریر» بمعنى صعب وشدید، وتشبیه یوم القیامة بالإنسان العبوس هو تعبیر لطیف یصوّر ما لذلک الیوم من رعب وخوف شدیدین، ثم إنّ کلمة «قمطریر» على رأی البعض مشتقة من مادة «قَمْطَر» وعلى رأی البعض الآخر هی من مادة «قُطر» (على وزن قُفل)، ولکن المشهور هو الرأی الأول. الدهر آیة 7 9.

 

تمهیدالإیمان بالمعاد وتأثیره على الثبات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma