الیوم الآخر هو الاسم الثانی، وهو مشهور ومعروف وورد بشکل واسع فی القرآن المجید مثل: «الدار الآخرة» و«الیوم الآخر» وجاء باختصار مثل «الآخرة» وقد تکرر ذکر هذه الأسماء مائة وأربعین مرّة فی القرآن المجید وفی سور مختلفة.
ورد فی توضیح معنى البرّ، قوله تعالى: (وَلَکِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْیَومِ الاْخِرِ وَالْمَلاَئِکَةِ وَالْکِتَابِ وَالنّبِییِنَ). (البقرة / 177)
وفی عبارة اُخرى قال تعالى:(تِلْکَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِینَ لاَیُرِیدُونَ عُلُوّاً فى الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً). (القصص / 83)
وفی تعبیر آخر أیضاً قال تعالى: (وَبِالاْخِرَةِ هُمْ یُوقِنُون). (البقرة / 4)
أمّا التعبیر بـ«الیوم الآخر» أو «الدارُ الآخرة» أو «الآخرة» فیقع مقابل التعبیر عن دار الدنیا بـ«النشأة الاُولى» کما جاء فی قوله تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشأَةَ الاُْولَى فَلَوْلاَ تَذَکَّرُونَ).(الواقعة / 62)
وفی آیة أخرى أیضاً: (وَلَلاْخِرَةُ خَیرٌ لَّکَ مِنَ الاُْولَى). (الضحى / 4)
قال فقهاء اللغة: إنّ «الآخِر» هو ما یقابل الاوّل، و«الآخَر» هو ما یقابل «الواحد».
قال المرحوم الطبرسی فی مجمع البیان: سمّیت الآخرة بذلک لکونها بعد الدنیا، والدنیا من أجل دنوِّها من الناس سمیت بالدنیا (من مادة دُنُو) وقال آخرون من أجل دنائتها وضعتها بالنسبة للآخرة(1).
وجاء فی تفسیر روح البیان وتفسیر الفخر الرازی أیضاً ما یشابه ذلک(2).
وهذا التعبیر یبیّن هذه الحقیقة، وهی أن مسیر تکامل الإنسان یبدأ من هذا العالم ویستمر، وأنّ العالم الآخر هو نهایة هذا المسیر، فالدنیا هی بمثابة منزل استراحة فی وسط ذلک الطریق، والآخرة هی المقرّ النهائی والأبدی.
وهذا هو تحذیر لجمیع البشر کی لا یعتبروا الدنیا منزلا للخلود وکی لا تتعلق بها قلوبهم ولا یعتبرونها الهدف الرئیسی ولا یبذلوا قصارى جهدهم للحصول على نعیمها، بل لیجعلوها ممرّاً للوصول إلى دار الآخرة.
1. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 40.
2. تفسیر روح البیان، ج 1، ص 41; وتفسیر الکبیر، ج 2، ص 32.
