3 ـ الإیمان بالمعاد وعلاقته باطمئنان النفس

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الخامس)
2ـ الآثار التربویة للمعاد من وجهة نظر الروایاتتمهید

إنّ الاعتقاد بالحیاة بعد الموت یؤثّر فی تهذیب النفس وإخلاص القلوب وسموّ الأخلاق وطهارة الأعمال وله أثر کبیر فی إصلاح حال الإنسان فی هذه الدنیا أیضاً.

کلنا یعلم أنّ القلق هو خطر یهدد حیاة الإنسان، فیُحوِّل حلاوة العیش إلى مرارة لا تطاق، ویصاب الإنسان بالانهیار العصبی جراء القلق الذی یسیطر علیه.

القلق الناشیء من ماضی الإنسان واضاعة الفرص والآلام التی حلّت فی ساحته، والقلق بشأن المستقبل ونهایة الحیاة وفقدان الأصدقاء والأقارب والاولاد والمال والثروات والقوى الجسمیّة والروحیّة ... والقلق الناشیء من الأحداث التی لم تکن بالحسبان والتی تعصف بالإنسان فتحطّم استقراره.

لذا قال العلماء أصحاب الخبرة: إنّ البشر فی زماننا الحاضر وَبالرغم مِن تطوّر الطّب والجراحة وفی نفس الوقت الذی قُضیَ فیه على الکثیر من الأمراض، حتّى أنّ قسماً منها قد تلاشت واجتثت من جذورها، إلاّ أنّ الإنسان مازال یعانی من الأمراض النفسیة أکثر ممّا کان علیه فی السابق، لذا فإننا نرى أنّ الاحصاءات تدل على أنّ هذه الأمراض فی تزاید مستمر یوماً بعد یوم.

حتّى قال أحد أساتذة علم الاجتماع فی جامعة پرینستون الاستاذ «دونالد لایت» : «یعیش فی أمیرکا لوحدها حالیاً ما یقارب خمسة وعشرین ملیون فرداً! أقْدَمُوا على الانتحار خلال حیاتهم مرّة واحدة على الأقل، ولم یکن لجمیع المساعی التی بذلت فی هذا المجال من قبل لجان مکافحة الانتحار أثر یعتد به، وهؤلاء یقدمون على هذه الأعمال بسبب الیأس وشعورهم بتفاهة الحیاة، وبسبب الوحدة وعدم ثقتهم بالدنیا والاضطراب والتشویش الناشیء من تدهور المجتمع، وهذا الأمر لا یمکن معالجته بالسبل المذکورة أعلاه»(1).

بالرغم من أنّ عصرنا الحاضر فی أحد أبعاده هو عصر راحة الإنسان فقد انخفض مقدار ساعات العمل عمّا کان علیه سابقاً، وازیحت الاعباء التی کانت تثقل کاهل الإنسان وأُلقی ثقلها على کاهل عجلات المصانع العظیمة، وفی المنازل أیضاً تحملت الآلات الکهربائیة أعباء القیام بالأعمال الصعبة فأصبحت المنازل أکثر تطوراً وعدّة، والوسائط النقلیة أکثر فائدة، فالسفر الذی کان فی الماضی یعتبر قطعة من الجحیم أصبح الیوم من أسباب الرّاحة واللهو، وأخیراً أدْخَلَت وسائل اللهو الحدیثة والجیّدة على حیاته لوناً جدیداً.

فعلى غرار هذا التطوّر فإنّه یُتوقّع أن یعیش الإنسان فی عصرنا الحاضر وهو یتمتع بهدوء تام، وصحّة تامة من الناحیة البدنیة والروحیة معاً، لکننا نرى بوضوح أَنّ الاضطراب والقلق ینتابانه أکثر ممّا کان علیه سابقاً.

والأسباب الرئیسیة فی هذا الأمر هی الشعور بتفاهة الحیاة وعدم کونها هادفة، والشعور بعدم وجود ملجأ عند حلول المعضلات المدمّرة ورسـم صورة مرعبة للموت والتشاؤم القاتل، والخوف من المستقبل المجهول للعالم وللحیاة الشخصیة، وممّا لا شک فیه هو أنّ الإیمان بالآخرة، والحیاة الخالدة فیها التی تکتنفها العدالة والطمأنینة بإمکانه أن یُنهی کل هذا القلق.

قال البروفسور المعروف «یونغ»: إنّ ثلثی المرضى الذین قدموا الیّ من جمیع انحاء العالم للعلاج هم أفراد مثقفون وموفقون فی حیاتهم لکنّهم یعانون من مرض خطیر وهو الشعور بتفاهة الحیاة، والسبب فی ذلک هو أنّ إنسان القرن العشرین بسبب التقدّم التقنی وقصور الرؤیة والتعصّب، فقد الدین فعاد یبحث عن هویته ومالم یعثر على دین فإنّه سوف لن یهدأ، «وذلک لأنّ فقدان الدین یؤدّی إلى تفاهة الحیاة وفقدانها لمفهومها»(2)!

وهنا نلجأ إلى القرآن ونطلب منه العون: ففی سورة یونس نلاحظ إشارة لطیفة فی هذا المجال فی قوله تعالى: (اَلاَ إِنَّ أَوْلِیَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلاَهُمْ یَحْزَنُونَ... * لَهُمُ البُشرَى فِى الحَیَاةِ الدُّنیَا وَفى الاَخِرَةِ). (یونس / 62 ـ 64)

أجل إنّ هؤلاء تعلّقت قلوبهم بالله والتحقوا برکب الأولیاء فی هذا الوجود، واعتبروا الدنیا قنطرة للوصول إلى حیاة الآخرة الخالدة، لذا فهم لا یشعرون بالوحدة ولا بتفاهة الحیاة.

وإلى هنا ننهی الحدیث عن الآثار المختلفة المادیّه والمعنویة للإیمان بالقیامة، على حیاة الأفراد والمجتمعات بالرغم من وجود بحوث کثیرة لم نَتَحَدَّثْ عنها هنا.


1. غربت غرب، ص 18 (باختصار).
2. معاد از نظر روح وجسم، ج 1، ص 44.

 

2ـ الآثار التربویة للمعاد من وجهة نظر الروایاتتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma