2ـ الآثار التربویة للمعاد من وجهة نظر الروایات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الخامس)
1 ـ الآثار الإیجابیة العمیقة للإیمان بالقیامة3 ـ الإیمان بالمعاد وعلاقته باطمئنان النفس

إنّ هذا الموضوع لم یذکر فی آیات القرآن فحسب، بل له صدىً واسعٌ فی الروایات أیضاً، وقد وضَّحت الروایات العلاقة الوثیقة والجذریة والدائمة الموجودة بین هذین الموضوعین، ونذکر فیما یلی نموذجاً من هذه الروایات:

1 ـ قال على(علیه السلام) فی نهج البلاغة: «واللهِ لأَنْ أَبیتَ على حَسَکِ السَّعْدان مُسَهَّداً، أو اُجَرُّ فی الأَغلالِ مُصفداً، أَحَبُّ الىَّ من أَنْ القى الله ورسوله یوم القیامة ظالماً لبعض العباد وغاصباً لشیء من الحطام»(1).

وذکر(علیه السلام) بعد هذه الجُمَل قصة أخیه «عقیل» المعروفة، إذْ لجأ إلیه أخوه من شدّة ما أصابه من الفقر والفاقة فطلب منه أن یعطیه أکثر ممّا یستحقّه من بیت المال خلافاً لما تقتضیه العدالة الإسلامیة.

لکنّ الإمام(علیه السلام) وضع قطعة من الحدید فی النار وبعد أن احمرّ لونها قرّبها من ید أخیه فضجّ أخوه بالعویل، فقال له الإمام(علیه السلام): «کیف تصرخ من ألم هذه النار التی هی العوبة یُلهى بها؟ وتجرّنی إلى نار أججها الجبار لغضبه وانتقامه»(2) !

یلاحظ من خلال هذه الکلمات قوّة الإیمان بالمعاد وتأثیرها فی الحثّ على إقامة العدالة والوقوف أمام جمیع الانحرافات، وهی نموذج حیّ عن تجلّی الإیمان بالقیامة ومحکمة العدل الإلهی فی أعمال الإنسان.

2 ـ وَرُوِی عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) أنّه قال: «من أَیقنَ بالخلف جاد بالعطیة»(3).

وهذه الروایة تدل بوضوح على أنّ الإیمان بالمعاد یجعل الإنسان متصفاً بالجود والسخاء.

3 ـ وجاء فی غرر الحکم نقلا عن الإمام علی(علیه السلام) فی عبارة صریحة أنّه قال: «اجعل هَمّک لمعادک تصلُح»(4).

4 ـ وجاء فی ملحمة کربلاء وعاشوراء أنّ الحسین(علیه السلام) جمع أصحابه یوم عاشوراء وقام خطیباً فیهم فقال: «صبراً بنی الکرام فما الموت إلاّ قنطرةٌ تعبُرُ بکُمْ عن البؤس والضَّراء إلى الجنان الواسعة والنعیم الدائمة، فأیَّکُم یکرهُ أن ینتقل مِنْ سجن إلى قصر»؟

والّذی دعا الإمام لإلقاء خطابه هذا هو أنّه کان کلّما اشتدّ حصار الأعداء علیه وعلى أصحابه وکلّما حَمِىَ الوطیس کان وجهه أکثر اشراقاً ونفسهُ أکثر اطمئناناً، هنا قال أصحابه لبعضهم الآخر: «انظروا إلیه إنّه لا یبالی بالموت»!

فسمع الإمام هذا منهم فالقى علیهم الخطاب المذکور، ثم أضاف إلیه قوله: روى أبی عن جدی رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «إنّ الدُّنیا سجنُ المؤمن وجنّةُ الکافر، والموت جسرُ هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء إلى جحیمهم ما کذِبتُ ولا کُذِّبت»(5).

فالسّر فی ملحمة عاشوراء وشجاعة الإمام الحسین(علیه السلام) وأصحابه، التی لم یکن لها مثیل والتی سُجِّلت فی التاریخ بأحرف من ذهب لامعه، یجب أن نبحث عنه فی هذا المیدان أیْ الإیمان الراسخ لهؤلاء بالمعاد والحیاة الآخرة الخالدة.

5 ـ إنّ تأثیر الإیمان بالمعاد فی إصلاح الأعمال بلغ من الوضوح حداً جعل أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) یتعجّب ممن یؤمن بالآخرة ولا یسعى فی إصلاح أعماله، قال(علیه السلام): «عجبتُ لِمَنْ یَعلمُ أنّ للأعمال جزاءً کیف لا یُحسنُ عَملَهُ»(6).

6 ـ ونختتم کلامنا هذا بحدیث عمیق المغزى عن مؤسس الإسلام النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله): عند حدیثه(صلى الله علیه وآله) عن علامات أهل الیقین قال(صلى الله علیه وآله): «ومن علائمه أنّه: أیقن بأنّ الجنّة حقٌ فاشتاق إلیها، وأیقن بأنّ النار حقٌ فظَهَر سعیهُ للنجاة منها، وأیقن بأنّ الحسابَ حقٌ فحاسَبَ نفسهُ»(7).

إنّ الروایات المَرویّة فی هذا المجال کثیرة جدّاً وما ذکرناه هنا ما هو إلاّ قلیل منها، وتتفق جمیعها على أنّ الإیمان بالدار الآخرة له أثر عمیق فی تربیة الإنسان.


1. نهج البلاغة، الخطبة 224.
2. نهج البلاغة، الخطبة 224. (باختصار).
3. بحار الأنوار، ج 74، ص 385; نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 138.
4. غرر الحکم; میزان الحکمة، ج 1، ص 37، ح 133.
5. بحار الأنوار، ج 44، ص 297 (باب فضل الشهداء معه وعلّة عدم مبالاتهم بالقتل)، ونقل المرحوم الصدوق هذا الحدیث فی کتاب «معانی الإخبار» عن علی بن الحسین(علیه السلام) فی باب «معنى الموت» ص 288.
6. غرر الحکم، ج 2، ص 495.
7. تحف العقول، ص 23.

 

1 ـ الآثار الإیجابیة العمیقة للإیمان بالقیامة3 ـ الإیمان بالمعاد وعلاقته باطمئنان النفس
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma