«یوم الحساب»: أیضاً من الاسماء المشهورة للقیامة، وقد ورد فی خمس آیات من القرآن الکریم، والسبب فی هذه التسمیة هو أنّ جمیع أعمال الإنسان صغیرها أو کبیرها، جزئیة أو کلیة، معنویة أو مادیة، من أعمال الجوارح أو الجوانح، یشملها الحساب بدون استثناء فی ذلک الیوم.
جاء فی قوله تعالى على لسان موسى بن عمران(علیه السلام): (وَقَالَ مُوسَى اِنِّى عُذتُ بِرَبِّى وَرَبِّکُمْ مِّنْ کُلِّ مُتَکَبِّر لاَّ یُؤْمِنُ بِیَوْمِ الْحِسَابِ). (غافر / 27)
وعبّر عن ذلک تارةً ب(یَوْمَ یَقُومُ الْحِسَابُ). (إبراهیم / 41)
ورد فی مقاییس اللغة أربعة معان لمادة «حساب»: «العدُّ» و«الاکتفاء» و«الحسبان» بمعنى الوسادة الصغیرة و«اَحْسَب» أی الذی ابیضّ لون بشرته وسقط شعر رأسه إثرَ المرض.
وذکر عدد من أصحاب اللغة معانیَ أکثر للحساب، وقد بلغت سبعة معان، منها الجزاء والعذاب(1).
ولکن الظاهر على ما یفهم إجمالا من مفردات الراغب إنّ جمیع تلک المعانی المذکورة تعود إلى معنىً واحد وهو المحاسبة، وإن استُعمل بمعنى الاکتفاء فهو یعنی أنّ هناک محاسبة وصلت إلى حد الاکتفاء، وهکذا فی الجزاء فإنّه یعنی أنّ الجزاء یأتی بعد الحساب، والمعانی الاُخرى أیضاً تعود إلى هذا المعنى بنحو ما (فمثلا، السبب فی اطلاقه على نوع من الأمراض الجلدیة هو تشبیهه بالمجازاة الإلهیّة التی تتم بعد الحساب، ومن المحتمل أنّ اطلاق حسبان على الوسادة الصغیرة لأنّ المحاسبین عند انجاز عملیة الحساب یتَّکئون علیها).
على أیّة حال فإنّ الحساب الإلهی ـ الذی سیأتی توضیح کیفیته بعون الله فی أبحاث منازل الآخرة ـ من أبرز الأعمال التی تمارس یوم القیامة، وفی الواقع أنّ قیام یوم القیامة إنّما هو لأجل الحساب.
1. نهایة ابن الأثیر; ولسان العرب.
