جمع الآیات وتفسیرها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الخامس)
تمهیدتمهید

تنقسم هذه الآیة فی الحقیقة إلى أربعة أقسام: ففی القسم الأول ابتدأ سبحانه وتعالى بالاستفهام مخاطباً الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) فقال: (قُلْ لِّمَنْ مـَّا فِی السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ)، ثـم أضاف بلا فاصلة: (قُل لِلّهِ) أیْ إنَّ أمـراً کهذا لا یحتاج إلى مناقشة واستدلال.

وفی القسم الثانی قال تعالى: (کَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) (کی یشمل برحمته الواسعة ولطفه وعنایته اللامتناهیة جمیع العباد).

وفی القسم الثالث یُوَجِّهُ الأنظار نحو مسألة المعاد فیقول تعالى: (لَیَجْمَعَنَّکُمْ اِلَى یَومِ القِیَامَةِ لا رَیبَ فِیهِ).

وفی القسم الرابع یلفت النظر إلى هذه النتیجة: (اَلَّذِیْنَ خَسِرُوا اَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ یُؤْمنُونَ).

ویرى عدد من المفسرین بالنسبة إلى الرابطة التی تربط هذه الأقسام الأربعة مع بعضها بأنّ القسم الأول یختص بأمر التوحید، والقسم الآخر بالمعاد (أو بالنبوّة والمعاد معاً) لبیان أبعاد اصول الدین الرئیسیة(1).

لکنّ المرحوم العلاّمة الطباطبائی یرى بأنّ الآیة بِرمّتها تختصّ ببیان أمر المعاد، وهذا التفسیر أقرب إلى الصّحّة، ولتوضیحه نقول:

إنّ الله تعالى بیّن فی القسم الأول من الآیة مالکیته وحاکمیته على عالم الوجود من خلال طرح سؤال واحد والإجابة علیه، فهو یوضَّح ذلک الأمر بواسطة سؤال ینبع جوابُهُ من صمیم الفطرة والروح حتى أنّ المشرکین أیضاً یخفضون جناحهم له کما لو قال الأب لولده: ألم اوفِّر لک جمیع متطلبات طلب العلم والارتقاء؟ ومن دون أن ینتظر الجواب یقول: لقد فَعَلْتُ وذلک حقاً).

وبهذا یثبت أنّه لا یوجد فی عالم الوجود أی شیء یمکنه الوقوف أمام إرادة الحق تعالى وأوامره.

ثم یضیف: إنّ الله القادر کتب على نفسه الرحمة، وکیف لا یکتب ذلک على نفسه عندما یکون مصدراً للفیض الذی لا یتخَّللُهُ بخلٌ ولا ینقصه العطاء الدائم شیئاً.

فهل الرحمة إلاّ اعطاء النعم لمن یستحقّها ویلیق بها؟ وهل هی إلاّ ایصال کل موجود إلى کماله المطلوب وفقاً لاستعداده؟

وبعد أن أثبت هاتین المقدمتین (أیْ أنّ الله العالم منبع الرحمة من جهة، ومن جهة اُخرى لا یمکن أن یمنع فیضه ورحمته أیُّ مانع) ذکر النتیجة فی الجملة الثالثة (لَیَجْمَعَنَّکُمْ اِلَى یَوْمِ القِیَامَةِ لاَ رَیْبَ فیهِ) لأنّ الموت انْ کان نهایة الإنسان فهذا یعنی أنّ الإنسان لم یصل إلى الکمال المطلوب فیبقى استعداده للحیاة الخالدة من دون اشباع أو یعنی عدم وصول الرحمة الإلهیّة إلیه لوجود مانع، ولکن بما أنّ المانع غیر موجود وأنّ وصول رحمته أمرٌ حتمی فإنّ الوصول إلى الحیاة الخالدة فی الدار الآخرة ومجاورة الحق للبشر أمرٌ لا شک فیه.

ومن الطبیعی أنّ بعض الناس یفقدون استعدادهم الخاص لنیل الحیاة الخالدة ویکونون فی عداد الخاسرین، لذلک نراهم لا یؤمنون بالمعاد.

بناءً على هذا فإنّ «برهان الرحمة» الذی یعتبر عصارة هذه الآیة هو برهان منطقی ذو استدلال تام، وبرهان آخر غیر برهان العدالة وبرهان الحکمة، (فتأمل).

وقد یُطرح هذا السؤال: بما أنّ القیامة تعتبر رحمةً لبعض البشر ونقمة على البعض الآخر، فکیف یمکن التوفیق بین هذا المعنى وبین الرحمة الإلهیّة؟

والجواب عن هذا السؤال جاء فی ذیل الآیة تلمیحاً إلى أنّ الله تعالى مَنَّ على جمیع البشر باستعداد نیل الرحمة ووضع بین أیدیهم السبل المعدّةَ للوصول إلیه، فلو أضاع فریق من البشر هذا العطاء على الرغم من امتلاکهم العقل وعلى الرغم من وصول تعالیم الوحی إلیهم ـ فسوف یکونون السبب فی خروجهم عن دائرة الرحمة ولا تنزل اللائمة إلاّ علیهم!

وکل هبات الله تعالى من هذا القبیل، ففریق یستمتعون بها وفریق یستبقون فی ضیاعها ویصبح هذا الأمر حاجزاً أمام وصول الفیض والرحمة الإلهیّة للفریق الآخر، ومن الجدیر بالذکر إنّ جملة لیجمعنکم... جاءت مقرونة بـ«لام القسم) و«نون التوکید الثقیلة» معاً وبجملة «لا ریب فیه» التی تأتی جمیعها للتوکید، فهی مؤکدة بثلاثةِ توکیدات فی آن واحد، وهذا لأَجْلِ الدلالة على أنّ وقوع القیامة بالنظر إلى الرحمة الإلهیّة أمرٌ حتمی من جمیع الأبعاد.

وبما أنّ ما قدّمناه من التوضیح یکفی لاثبات هذا البرهان فإننا لا نرى حاجة لذکر توضیحات أکثر فی هذا المجال.


1. تفسیر الکبیر، ج 12، ص 164; وتفسیر القرطبی، ج 4، ص 2392.

 

تمهیدتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma