یستفاد من خلال الآیات المذکورة وکذلک الآیات الکثیرة المشابهة لها فی القرآن المجید أنّ مسألة المعاد قد طرحت منذ وطأ آدم(علیه السلام) الأرض وأنّ جمیع الأنبیاء دعوا الناس للإیمان بها، خلافاً لزعم المغفلین الذین یرون أنّ الحدیث عن الإیمان بیوم القیامة طرح مؤخراً من قبل المؤمنین.

بل یستفاد من آیات متعددة من القرآن أنّ الله أیضاً یحاجج المجرمین بمسألة المعاد یوم القیامة، قال تعالى: (یَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالاِْنْسِ اَلَمْ یَأتِکُمْ رُسُلٌ مِّنْکُمْ یَقُصُّونَ عَلَیْکُمْ اَیَاتِى وَیُنْذِرُونَکُمْ لِقَاءَ یَوْمِکُمْ هَذَا). (الانعام / 130)

فهذه الآیة تدل بوضوح على أنّ انبیاء الله دعوا جمیع الجن والانس للإیمان بالمعاد.

وجاء هذا المعنى فی آیة اُخرى نقلا عن لسان خزنة جهنم عند محاورتهم أصحاب النار: (وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا اَلَمْ یَأْتِکُمْ رُسُلٌ مِّنْکُمْ یَتْلُونَ عَلَیْکُمْ آیَاتِ رَبِّکُمْ وَیُنْذِرُونَکُمْ لِقَاءَ یَوْمِکُمْ هَذَا). (الزمر / 71)

واللطیف أنّ أصحاب النار یعترفون جمیعاً بهذا المعنى أیضاً، کما یدل على ذلک ماجاء فی تتمة هذه الآیة: (قَالُوا بَلَى).

بناءً على هذا فالقرآن یرى أنّ مسألة المعاد تشکل العمود الفقری فی دعوة الأنبیاء، وان الدعوة للإیمان بالمعاد بدأت منذ خلق آدم(علیه السلام) واستمرت على مرّ العصور بواسطة دعوة الأنبیاء وأنّ جمیع الشعوب قد تعرّفت على هذا الموضوع.

والآن ننتقل إلى بحث الأسانید التاریخیة وتقاریر العلماء الواردة فی هذا المجال.