إنّ ممّا لا شک فیه هو أنّ الإیمان بالمعاد له تأثیر بالغ على أعمال البشر، فأعمال الإنسان أساساً، ما هی إلاّ انعکاسات لعقائده، أو بتعبیر آخر إنّ سلوک کل إنسان له علاقة وثیقة بنظرته الکونیة.

فمن یعتقد بأنّ جمیع أعماله بلا استثناء، سوف تناقش قریباً فـی محکمـة یتّسم قضاؤها بالعلم بجمیع الاُمور، وأنّه لا تنفع فی تبدیل حکمهم شفاعة الآخرین أو الرشوة، وأنّه لا مجال لدخول التعدیلات على احکامها الصادرة، التی سـوف یثاب أو یعاقب وفق مفادها، بل من ناحیة اُخرى إنَّ من یعتقد بأنّ أعماله محفوظة على الدوام وتتسم بصبغة الخلود، وأنّها سوف تحشر معه فی الآخرة لتعیین مصیره من ناحیة الفخر أو الذّلة، والطمأنینة أو العذاب، وبأنّها تجرّه إلى السعادة الخالدة أو العذاب الأبدی، فإنّه من البدیهی أن لا یسعى مثل هذا لإصلاح نفسه فحسب، بل یصبح حذراً جدّاً فی ممارسة سلوکه وأعماله المختلفة ویتمعن فیها کثیراً، کما هو الحال فی العالم المطّلع على خواص العقاقیر الطبیّة الـنافعة والسموم القـاتلة، فإنّ هذا یسعى لتجنید جمیع طاقاته للحصول على العقاقیر النافعة، کما أنّه یحذر کل الحذر من السموم القاتلة، فهذه المسألة تصدق على موارد الاعتقاد بالحیاة بعد الموت ومحکمة القیامة.

بعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن لنتأمل خاشعین فی الآیات التالیة الواردة فی هذا المجال:

1 ـ (فَمَنْ کَانَ یَرْجُو لِقـَاءَ رَبِّهِ فَلْیعْمَلْ عَمَلا صـَالِحاً وَلاَ یُشْرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).(الکهف / 110)

2 ـ (وَیُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْکِیناً وَیَتِیماً وَأَسِیراً * إِنَّمَا نُطعِمُکُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُریدُ مِنْکُمْ جَزَاءً وَلاَ شُکُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَّبِّنَا یَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِیراً).(الانسان / 8 ـ 10)

3 ـ (وَمَالِىَ لاَ أَعبُدُ الِّذى فَطَرَنِى وَإِلَیْهِ تُرْجَعُونَ). (یس / 22)

4 (قَالَ الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُّلاَقُوا اللهِ کَمْ مِّنْ فِئَة قَلِیلَة غَلَبَتْ فِئَةً کَثیرةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِینَ). (البقرة / 249)

5 ـ (قَالُوا لَنْ نُّؤْثِرَکَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البَیِّنَاتِ وَالَّذِى فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاض إِنَّمَا تَقْضی هَذِهِ الحَیاةَ الدُّنْیَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِیَغفِرَلَنَا خَطَایَانَا). (طه / 72 ـ 73)

6 ـ (فِى جَنَّات یَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الُمجْرِمِینَ * مَا سَلَکَکُمْ فِی سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَکُ مِنَ المُصَلِّینَ... وَکُنَّا نُکَذِّبُ بِیَومِ الدِّینِ). (المدثر / 40 ـ 46)

7 ـ (وَیَلٌ لِّلْمُطَفِّفینَ...اَلاَ یَظُنُّ اُولَئِکَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِیَوم عَظِیم).(المطففین / 1 ـ 4 ـ 5)

8 ـ (إِنَّمَا یَسْتَأْذِنُکَ الَّذِینَ لاَ یُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْیَومِ الآخِرِ). (التوبة / 45)

9 ـ (أَرَأَیتَ الَّذِى یُکَذِّبُ بِالدِّینِ * فَذلِکَ الَّذِى یَدُعُّ الیَتِیمَ). (الماعون / 1 ـ 2)

10 ـ (بَلْ یُریدُ الاِْنْسَانُ لِیَفْجُرَ أَمَامَهُ * یَسْئَلُ أَیَّانَ یَومُ القِیَامَةِ). (القیامة / 5 ـ 6)

11 ـ (إِنَّ الَّذِینَ لاَ یُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَیَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ یَعْمَهُونَ). (النمل / 4)

12 ـ (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَیْنَکَ وَبَیْنَ الَّذِینَ لاَ یُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّستُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلوبِهِمْ أَکِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَفِى آذَانِهِمْ وَقْراً). (الاسراء / 45 ـ 46)